بقلم الدكتور : محمد فهمي رشاد مدرس التفسير وأصول الفقه بجامعة القصر الدولية بدولة ليبيا
تعريف التكافل الاجتماعي
التكافل الاجتماعي في الإسلام هو: تعاون أفراد المجتمع على حمل أعباء بعضهم بعضًا في النفع والدفع، بما يحقق الترابط والتراحم، ويكفل للفرد والمجتمع حياة مستقرة قائمة على العدل والإحسان.
وهذا المفهوم مستمد من قول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]،
وقد جسد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في قوله: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (رواه مسلم، كتاب البر والصلة، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، رقم 2586).
مظاهر التكافل الاجتماعي في الإسلام
1- كفالة كبار السن
أوجب الإسلام على الأبناء برّ والديهم ورعايتهم، قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} [العنكبوت: 8].
فإن لم يوجد الأبناء، انتقلت مسؤولية الرعاية إلى المجتمع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا» (رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب في رحمة الصبيان، رقم 4943 ).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا» وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما (رواه البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، رقم 6005).
3- كفالة الفقراء والمساكين
عالج الإسلام مشكلةةالفقر عن طريق الدعوة إلى العمل والكسب، مع تحميل المجتمع مسؤولية من عجز عن ذلك أو لم توفي موارده احتياجاته اللازمة هو ومن يعولهم.
حيث فرض الزكاة التي جعل مصارفها في مقدمتها الفقراء والمساكين، قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60].
4- رعاية حق الجار قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره» (رواه البخاري، كتاب الأدب، باب إكرام الجار، رقم 6018، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف، رقم 47).
وقال: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه» (رواه البخاري، كتاب الأدب، باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه، رقم 6016).
5- حقوق الضيف والغريب
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» (متفق عليه: رواه البخاري، كتاب الأدب، رقم 6019، ومسلم، كتاب الإيمان، رقم 47).
كما جعل الشرع للغريب (ابن السبيل) نصيبًا في الزكاة، قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ … وَابْنِ السَّبِيلِ} [التوبة: 60].
خاتمة
يتبين مما سبق أن الإسلام جعل التكافل الاجتماعي أساسًا لبناء الأمة، فأقام العلاقة بين الأفراد على الرحمة والإحسان، وربط بين الغني والفقير، والقوي والضعيف، والصغير والكبير، حتى يعيش الجميع في وحدة متماسكة كالجسد الواحد. وبذلك يحقق الإسلام مجتمعًا إنسانيًا متراحمًا متعاونًا، يظله قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].