بقلم فضيلة الشيخ : حسين السمنودي إمام وخطيب ومدرس على درجة مدير عام بمديرية أوقاف القاهرة
في زمنٍ تتعرض فيه الأوطان لأشد الأخطار، وتكثر فيه الفتن، يظل الجيش هو الحصن الحصين والسند الأمين لشعبه. فهو الدرع الواقي الذي يحمي الأرض والعرض، ويسهر على حدود الوطن، ويصون مقدراته. ومن هنا تأتي أهمية الدعاء للجيش، لا بوصفه مجرد كلمات تُقال، بل باعتباره عبادة عظيمة وأداة تربوية وروحية تسهم في ترسيخ القيم وتعميق روح الانتماء في قلوب المواطنين.
الدعاء للجيش يحمل في جوهره معنى الوفاء ورد الجميل لمن يبذلون أرواحهم فداءً للوطن، ويقدمون التضحيات الغالية دفاعًا عن الشعب وأمنه واستقراره. وعندما يتوجه الناس إلى الله بقلوب صادقة وألسنة ناطقة بالدعاء للجيش، فإنهم يغرسون في نفوس أبنائهم وأجيالهم القادمة قيمة عظيمة، هي أن الجيش ليس مجرد مؤسسة نظامية، بل هو كيان وطني مقدس يحمل همّ الوطن كله.
وقد اهتمت الشريعة الإسلامية بالدعاء باعتباره سلاحًا روحيًا يقوي العزائم ويشد القلوب، وجعلته “مخ العبادة”. وما أحوج جنودنا البواسل إلى هذا السند الروحي والدعم المعنوي الذي يأتيهم من أبناء وطنهم، إذ يشعرون أن الشعب كله يساندهم، ويدعو لهم، ويقف خلفهم. وهذا الشعور يضاعف من قوتهم ويمنحهم الثبات في مواجهة الأعداء.
كما أن الدعاء للجيش يرسخ في المجتمع قيماً عديدة، في مقدمتها قيمة الوحدة الوطنية، حيث يجتمع الناس على كلمة سواء، يدعون لقواتهم المسلحة ويقفون معها صفًا واحدًا، بعيدًا عن الخلافات أو الانقسامات. ومن القيم التي يعمقها أيضًا قيمة التضحية، حين يتذكر الناس أن هناك رجالًا يضحون بالغالي والنفيس من أجلهم، فيدعون لهم بصدق، ويدركون أن الأمن الذي يعيشون فيه ليس هبة عابرة بل ثمرة دماء وتضحيات.
ولا يقل أثر الدعاء عن أثر الكلمة الطيبة والخطبة الهادفة التي يوجهها العلماء والوعاظ في المساجد. بل إن وزارة الأوقاف كان لها دور بارز في هذا المجال، من خلال التوجيه المستمر للأئمة والواعظات لترسيخ ثقافة الدعاء للجيش، وحث المواطنين على مساندة قواتهم المسلحة بالقول والعمل والدعاء. وهذا الربط بين العبادة والواجب الوطني يعزز الوعي الجمعي، ويغرس في النفوس أن الدفاع عن الوطن عبادة من أعظم العبادات.
إن الدعاء للجيش ليس مجرد طقس روحي، بل هو بناء للأجيال على قيم الوفاء، التضحية، الانتماء، الصبر، والصمود. وهو تذكير دائم بأن الوطن لن يحيا إلا بسواعد أبنائه المخلصين ودعوات شعبه المساندة.
وفي الختام، فإننا نرفع أكفّ الدعاء من قلوب محبة لوطنها، قائلين: “اللهم احفظ جيش مصر الباسل، وسدّد رميه، وثبّت أقدامه، وبارك في رجاله، واجعلهم درعًا حصينًا للوطن، ونصرًا مؤزرًا للحق، وسببًا في استقرار البلاد وأمن العباد”. وهكذا يظل الدعاء جسرًا بين الشعب وجيشه، وعهدًا خالدًا بأن تبقى مصر قوية بشعبها وجيشها، متماسكة بقيمها، عصيّة على كل معتدٍ أو متآمر.