أقرب ما يقرب العبد إلى الله تعالى
10 أغسطس، 2025
منهج الصوفية

المقال الحادى عشر من سلسلة ( سألت شيخى فقال : )
بقلم الكاتب والداعية الإسلامى
الدكتور : رمضان البيه
كنت في مجلس شيخي يوما فسألته عن ما أقرب ما يقرب العبد إلى الله تعالى
فقال: الإلتزام بما إفترضه الله تعالى من العبادات والأمر والنهي وإقامة الحدود لقوله تعالى في الحديث القدسي : “وما تقرب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما إفترضته عليه… “
هذا ومن أراد أن يرتقي من منزلة المحب إلى منزلة المحبوب ، ومن منزلة الطالب إلى منزلة المطلوب ، ومن منزلة المريد إلى منزلة المراد ،و يكن محبوبا مقربا من الله تعالي فعليه بالإلتزام بأعمال وعبادات النوافل وهي ما زاد عن ما إفترضه الله عز وجل لقوله سبحانه..(
وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّه)
قلت :
شيخي هنا يصبح العبد عبدا ربانيا ولله وليا.
قال : نعم يكن عبدا ربانيا أي متصف بصفات الله تعالى .
قلت : سيدي ..كيف ذلك؟
قال : معلوم أن إقبال العبد على الله تعالى له مظاهر متعددة من خلال إستقامته وإلتزامه بالأمر والنهي وإقامته لحدود الله تعالى وإجتهاده في ذكره عز وجل وطاعته وفي الأعمال الطيبة المرضية المقربة إليه تعالى من الكرم والجود وإطعام الطعام وجبر الخاطر والإصلاح بين الناس وحثهم على طاعة الله عز وجل وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وصبره على البلاء وشكره على النعماء ورضاءه بالقضاء وإخلاص وجهته لله تعالى .
هذه هي مظاهر إقبال العبد على الله تعالى ..هنا يقابل العبد بإقبال الله تعالى عليه ولقد أشار الله عز وجل إلى ذلك في الحديث القدسي حيث قال سبحانه ( من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا .ومن تقرب إلي ذراعا تقتربت إليه باعا. ومن آتاني يمشي آتيته هروله ..)
هذا وإقبال الله على العبد يعني : تجليات من الله وإفاضات على قلب العبد بأنوار أسماءه وصفاته فيمنح العبد على أثر هذا التجلي أنوار وعلوم ومعارف وأسرار ويتبدل على أثر هذا التجلي وصف العبد الأدنى بوصفه تعالى الأجل الأسمى فيكن عند ذلك عبدا ربانيا كما جاء في الحديث القدسي..إذا أطاعني عبدي جعلته عبدا ربانيا يقل للشئ كن فيكون ..
هنا إستوقفت شيخي وسألته: سيدي هل هذا الفضل والعطاء هبة ومنحة إلهية أم هو إكتساب ومجاهدة ؟ أي يأتي على أثر همة العبد وبذله للمجهود عملا بقوله تعالى..والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا .
فقال : العطاء الإلهي له وجهين :
عطاء وهبي : يمنح بمحض الفضل الإلهى..
وعطاء كسبي : الاصل فيه توفيق الله تعالى للعبد لقوله سبحانه (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم )
.وكلاهما من محض فضل الله تعالى على العبد وهذا الفضل والإختصاص يأتي على أثر نظر الحق عز وجل للعبد بعين العناية الإلهية ثم إمداده تعالى للعبد بإمدادات أنوار الهداية..يقول الله تعالى ” الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ”
ثم بعد ذلك يقام العبد في مراتب أهل الولاية ويتولاه الله تعالى بولايته ..يقول تعالى ” وهو يتولى الصالحين ” عند ذلك لا خوف عليه ولا حزن وتزف الملائكة له البشارات من الله عز وجل..
يقول تعالى ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم)
ويقول سبحانه ( إن الذين قالوا رينا الله ثم أستقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون )
هنا توقف الشيخ وقال باب كل فضل الإستقامة وتقوى الله عز وجل..