كيف نستعد نفسيًا لنتائج أبنائنا؟ وكيف نزرع الأمل فيهم؟ وكيف نتطلع إلى المستقبل معهم؟

بقلم الشيخ : صالح علي صالح الفقي
الموجه العام بوعظ الأزهر الشريف – ومشرف لجان فتوى الأزهر بمنطقة وعظ كفر الشيخ سابقا

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ما إن يقترب موعد إعلان نتائج الامتحانات، حتى يبدأ القلق يسري في قلوب كثير من الآباء والأمهات،
إنه قلق فطري مشروع، لكنه بحاجة إلى ضبط شرعي، وتأصيل نفسي وتربوي، حتى لا يتحول إلى توتر مدمّر، أو كلمات جارحة، أو ظلم نفسي لأبنائنا، قد يؤدي أحيانا إلى خسارة الدين والدنيا والآخرة.

أولًا: الإيمان بأن “النتائج” ليست نهاية المطاف

علينا أن نذكّر أنفسنا دومًا أن النتائج الدراسية ليست مرآة كاملة لقيمة أبنائنا، ولا دليلًا قاطعًا على تميزهم الدراسي أو إخفاقهم.
كم من ناجح في الحياة أخفق في الامتحانات، وكم من متفوق سرعان ما ضل الطريق!

قال رسول الله ﷺ: “احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا، ولكن قل: قدّر الله وما شاء فعل” رواه مسلم.

إنه حسن التوكل على الله: نبذل، ونجتهد، ونستعد، نتجرد من حولنا وقوتنا، ثم نرضى بما كتب الله.

ثانيًا: استبشار وسرور، لا انتظار مذعور

علّمنا القرآن أن نُحسن الظن بالله، ونأمل الخير حتى في مواطن الشدة. ﴿ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾
أقدار الله قد تكون خيرًا خفيًّا، وفتحًا في باب آخر، لم يكن في حسباننا.

أيها الوالد.. أيتها الوالدة:
لا تجعلوا ألسنتكم سيوفا على رقاب أبنائكم، ولا تقيِّموا جهدهم وقدراتهم بدرجة في شهادة علمية .
ربّ كلمة لوم جارحة في لحظة غضب؛ تهدم ثقة سنوات، وربّ حضن صادق رغم الإخفاق؛ يُحيي قلبًا أطفأته الدرجات.

ثالثا: ربِّوا على الثقة والرضا لا على المقارنة والغضب.
ابتعدوا عن مقارنته بغيره، فإنّ لكلٍّ طاقته، ولكلٍّ قدراته.
ابحثوا عن مواطن القوة في فلذات أكبادكم وأعلنوا فخركم بها بلين القول، وأعذب الكلم.

وأخيرًا: علّموهم عبادة الدعاء، والتعلق بالله.

في هذه الأيام، علّم أبناءك أن يقولوا: “اللهم ارزقنا النجاح والتوفيق، واقدر لنا الخير حيث كان وارضَ عنا، فإن رضاك أعظم من كل نجاح.”

وختاما..
كن سندًا، لا سيفًا. وكن أملًا، لا ألَمًا. وادخر من قلوب أبنائك دعاء صالحًا ينفعك بعد مماتك.