خطبة بعنوان : ( وسائل التواصل الاجتماعي في ميزان الإسلام ) للشيخ أحمد عزت حسن


خطبة بعنوان : ( وسائل التواصل الاجتماعي في ميزان الإسلام )

للشيخ : أحمد عزت حسن

خطبة الجمعة ١٦ من جمادى الأولى ١٤٤٧ هـ الموافق ٧ من نوفمبر ٢٠٢٥م

الموضوع

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا رسول الله ﷺ، “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا”، وبعد.

فإن الإسلام دين عالمي شامل لكل مناحي الحياة، وله أحكامه التي تغطي جميع مسائل الحياة المعاصرة، ومن ذلك وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت في كل بيتٍ، وكل يد، ويجب على المسلم أن يتعرف على أحكام الإسلام في هذه الوسائل؛ حتى يكون على بينةٍ من أمره، فلا يقع في محظورٍ أو محرمٍ،

ونبدأ بآداب استخدام التليفون المحمول أو الهواتف الذكية وسوف نقتصد في إيراد الأدلة حتى لا يطول بنا الموضوع

حول آداب استخدام الهواتف الذكية

لعله من نافلة القول، أو من المعلوم من الدين بالضرورة

أن تكون حيازة الجهاز من مال حلال، كشراء أو مقابل عمل، أو هدية، أو وراثة، أو نحو ذلك، فلا يجوز استعمال جهاز جاء من مصدر حرام، كسرقة أو نهب أو اختلاس أو رشوة أو لقطة غير معرَّفة، فالتليفون كالبطاقة الشخصية يحتوي على بيانات صاحبه، وتستطيع -بكل سهولة ويسر- الوصول إلى صاحبه وإعادته إليه، ولا تدّعي أنك عثرت عليه

قال رسول الله -ﷺ-: “لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه“ رواه أبو داود

* استعمال تحية الإسلام -السلام عليكم ورحمة الله وبركاته – عند الاتصال، ولدى الانتهاء منه، قال رسول الله -ﷺ-: “إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم؛ فليست الأولى بأحق من الآخرة“ رواه أبو داود والترمذي

* وتبدأ آداب استخدام الهاتف الذكي من إغلاقه تمامًا أو جعله صامتًا عند دخول المساجد، أو في بعض المواقف والأوقات الأماكن التي يكره -عرفًا- الانشغال فيها به اتصالاً وردًا.

فمثلا في المساجد ودور العبادة بشكل عام، لا يصح إجراء المحادثات الهاتفية أو الدردشة مع الأصدقاء على التطبيقات المختلفة أو تشغيل الألعاب الإلكترونية، لأن هذه الأماكن لها احترامها الواجب.

وهنا يكون إغلاق الهاتف لحين مغادرة مكان العبادة ضرورة، ويفضل كذلك غلقه أو إبقاؤه على الوضع الصامت، وعدم الرد إلا على مكالمات الطوارئ في أضيق الحدود داخل قاعات الدراسة بمختلف أنواعها والمكتبات وفي المنزل بعد موعد معين في المساء يتفق عليه مع الوالدين.

* اختيار النغمة المباحة، والهادئة؛ لأن نغمة الجوال تعبر عن شخصية صاحبه.

اختيار الأوقات المناسبة للاتصال، فالاتصال كالاستئذان له أوقات محددة لا تُتجاوز،

ومن الأوقات التي لا ينبغي الاتصال فيها: أوقات الصلوات، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: كنا نسلم على رسول الله -ﷺ- وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه، فلم يرد علينا، وقال: “إن في الصلاة لشغلا” رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه

ومما يكره الاتصال فيه:

– الساعات المتأخرة من الليل،

– وأوقات القيلولة، -وقت راحة-

وكل وقت لا يحب المتصَل به استقبال المكالمات فيه، إلا في القضايا المهمة التي لا تحتمل التأخير والانتظار.

الحذر في استخدام الهاتف الذكي بالأماكن العامة عند تواجدك بالشارع أو المواصلات العامة أو السوبر ماركت، وغير ذلك من الأماكن العامة المكتظة بالناس، لا تنس أن الآخرين بإمكانهم سماع كل ما تقوله أثناء التحدث في الهاتف كما يسهل عليهم مشاهدة أي تطبيقات تستخدمها

لذا كن حذرًا لصالحك ولصالح الآخرين أيضًا

* لا تتحدث تليفونيًا بصوت مرتفع حتى لا تزعج الناس، وأيضا للحفاظ على سرية حديثك ومعلومات حياتك الخاصة، وكن واعيًا لأي تطبيقات أو مواقع تفتحها على الهاتف في وجودهم.

* تحدث مع أسرتك وأصدقائك ولا تنشغل بهاتفك طوال الوقت

لذلك فمن حسن الأدب وضع الهاتف الذكي جانبا أثناء الجلوس مع أفراد الأسرة أو الأصدقاء، وإيلاء اهتمام أكبر للتفاعل المباشر مع المحيطين بك.

غادر المكان للرد على مكالمة ضرورية إذا كنت موجودًا بالفعل في مكان مما سبق ذكرها، حيث لا يصح استخدام الهاتف، وكنت قد ضبطته على الوضع الصامت، ثم لاحظت وجود ضرورة للرد على مكالمة بعينها أو إجراء مكالمة طارئة، فالذوق يقتضي، الخروج من القاعة أو المكان لحين إنهاء المكالمة، ثم العودة مرة أخرى لمتابعة النشاط الذي كنت تمارسه بالداخل .

* افعل ذلك أيضا لو كنت بصحبة أفراد من أسرتك أو أصدقائك وتعلم أنهم يتضايقون عندما تتجاهلهم وتفضل إجراء مكالمة هاتفية أثناء التواجد معهم. استأذن للحظات، وغادر الغرفة دون أن تطيل في الحديث عبر الهاتف، ثم عد لرفاقك بعد إنهاء المكالمة

* استخدم خاصية البريد الصوتي عندما تكون مشغولا أو خارج المنزل أو في مكان لا تستطيع فيه الرد على هاتفك الذكي، لمنح الفرصة لمن يحاول الاتصال بك أن يترك لك رسالة صوتية مسجلة، تستمع لها لاحقا عندما تتمكن من ذلك، وبهذه الطريقة لا يفوتك أي أمر مهم.

إذا راعيت دائما اتباع القواعد السابق ذكرها، سيزداد احترام الآخرين لك، وسيعلمون أنك حريص على مراعاة مشاعرهم وعدم إزعاجهم، وبالتأكيد سيتعاملون معك بنفس الطريقة

* التماس الأعذار للمتصَل به، إذا لم يستقبل المهاتفة؛ فقد يكون في حال تمنعه من الجواب، أو ظرف لا يحب معه الاستقبال للمكالمة، فالتماس الأعذار من شيم الكبار.

عدم كثرة الرنين على المتصَل به، فإن أجاب سريعًا وإلا فليكفّ المتصل عن ذلك، فهذا قد يدخل تحت قوله -تعالى-: “فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ”

* الحذر من استعماله في البحث عن النساء وملاحقتهن بالمكالمات أو الرسائل، فمن يفعل ذلك أو تسول له نفسه سلوك هذه السبيل المعوجة فليتذكر أن الله يراه، وليعلم أن خدش حرمات الناس دَيْنٌ يُستوفى من عرضه، ومن دقّ باب الناس دقوا بابه، وكما تدين تدان، والجزاء من جنس العمل.فهذه جملة من الآداب للجميع رجالًا ونساءً -بمنطوقها أو مفهومها- وهي تدل على غيرها من الآداب،

● ويضاف للمرأة خاصة:

* أن تتقي الله في اتصالها أو جوابها فلا ترقق صوتها أو تلينه؛ طلبًا لإعجاب الرجال وفتنهم، قال -تعالى-: “يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا”

● أخلاقيات استخدام الإنترنت وتُعرف: “بأنها مجموعة من المبادئ الأخلاقيّة والتي بدورها تحكم الفرد والجماعة على السلوك الحسن والمقبول في استخدام الإنترنت”

فيجب التنويه إلى وجود أخلاقيات وآداب في العالم الإلكتروني تمامًا -كما هي موجودة في العالم الحقيقي- ويجب الالتزام بها وعدم نسيان مبادئ عقيدتنا الإسلامية وأخلاقنا عند استخدامنا للإنترنت، ومن أهمها:

– احترام الأشخاص، والتعامل معهم بلطف كما نود أن يتعاملوا معنا.

– احترام آراء الأشخاص وأفكارهم عند تبادلك للأفكار والآراء على شبكة الإنترنت مع شخص آخر فيجب احترام رأيه وأفكاره وعدم السخرية منه أو مهاجمته بسبب اختلاف الرأي بينكم بل يمكنك مجادلته بطريقة لطيفة راقية دون الإساءة والتجريح. “ولا تُجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن”

– احترام الخصوصية الشخصية للأشخاص وعدم اختراقها وانتهاكها، مثل: التجسس على الصور والمعلومات الشخصية ونشرها والإضرار بالأشخاص.لا تضر بغيرك أبدا حتى لو كنت محترفا في اختراق مواقع الآخرين وصفحاتهم؛ فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”. عدم استخدام أجهزة الكمبيوتر والأغراص الخاصة بالآخرين دون طلب الإذن منهم. الالتزام بعدم إلحاق الضرر بالآخرين وسرقة ممتلكاتهم الخاصة الإلكترونية؛ كسرقة كلمة المرور لصفحتهم الشخصية أو معلومات بطاقتهم الشخصية. أو ما يُسمّى بالهكر، وهذه تجد أصولها في

– احترام خصوصية الآخرين، وفي قوله تعالى: “وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتّقى وأتوا البيوت من أبوابها”

وفي الحديث الشريف “من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فكأنما نظر في قطعةٍ من النار”

أيها الإخوة المؤمنين: إن الدنيا عرَضٌ حاضر، يأكل منه البر والفاجر، وإن الآخرة لوعد صادقٌ يحكم فيها ملك عادل، فطوبى لعبدٍ عمِل لآخرته وحبله ممدود على غاربه، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فتوبوا إلى الله واستغفروه وادعوه وأنتم موقونون بالإجابة.

الخطبة الثانية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله ﷺ. قاد سفينة العالم الحائرة في خضم المحيط، ومعترك الأمواج حتى وصل بها إلى شاطئ السلامة، ومرفأ الأمان.

فقد قال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرا حكيمًا تشريفًا لقدر المصطفى ﷺ وتعظيمًا “إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”، فاللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين … وبعد:

أيها الإخوة المؤمنين،

▪︎ ومما يُذكر في هذا المقام ما يتعلق الواي فاي wi-Fi فلو أن هناك مجموعة مشتركون في روتر، فلا يحل ولا يجوز لأحدهم أن يعطي كلمة المرور أو الباسورد لأي شخص بدون إذن الباقين لأنهم في حكم الشركاء على الشيوع، ولأن هذا سيؤثر على السرعة التي تعاقدوا عليها.

– المحافظة والالتزام بقوانين حقوق الملكيَّة الفكرية كالصّور والأصوات والفيديوهات والمقالات؛ لأنَّ هذه الحقوق تكون محفوظًة لصاحبها المالك وغير مسموح لأحد أن يستخدمها أو يعيد نشرَها إلا بإذن صاحب هذه الحقوق.

– الابتعاد عن إضرار الأشخاص بأي وسيلة عن طريق الإنترنت؛ كإرسال الفيروسات والبرامج الضارة.

عدم سرقة البرمجيات سواء أكانت تطبيقية أو حكومية أو علمية أو عسكرية.

– عدم إرسال رسائل تهديد عن طريق الإنترنت.

يمنع إرسال أي رسالة أو بريد إلكتروني يحتوي على محتوى مخل بالأدب والأخلاق بقصد التحرش وغيره

. يمنع دخول المواقع المخلة بالآداب، كالمواقع الإباحية.

وكذا تحميل أي مواد وموضوعات مخلة بالآداب

عدم التزوير أو الخداع فهذا ليس من أُسس ديننا وهذه التصرفات مخلة بالقوانين.

– الحذر من التواصل والدردشة مع غرباء مجهولين.

عدم استخدام لغات سيئة ومخلة عند التواصل مع الآخرين

– احترام جميع الأديان، وعدم التجريح بالأديان الأخرى وعدم إثارة المشكلات المذهبيَّة والطائفيَّة.

– تشجيع الأطفال على استخدام الإنترنت؛ لحصولهم على المنفعة التي يقدمها، والحرص عليهم عند استعمالهم له ومتابعتهم ومراقبتهم الدائمة من قِبل الوالدين في معرفة المواقع التي يستخدمونها، وتثقيفهم بحقوق الملكية للآخرين.

– الحفاظ على الشفافيّة في سياسة المعلومات، وذلك بالنسبة للتعامل مع الموظفين والمؤسسات عبر الإنترنت

آداب استخدام الفيس والواتس.

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

الدعاء

#جمع_وترتيب #أحمد_عزت