من هو الشيطان


بقلم الدكتور عبدالهادى النجار

سلسلة الشيطان والإنسان

الحمد لله رب العالمين فاطر السماوات والارض وهو القاهر فوق عباده واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير 

واشهد ان سيدنا محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه السراج المنير صفوة الانبياء والمرسلين وامام الغر المحجلين والمبعوث رحمه للعالمين اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى اله عدد كمال الله وكما يليق بكماله 

أما بعد :
عند الحديث عن علاقه الشيطان بالانسان او الانسان بالشيطان فعلينا ان نبين من هذا العدو وهو الشيطان حيث هناك سؤال دائما يدور في عقولنا نحن البشر او الانسان على العموم وهذا السؤال لا نجد له جواب حيث ان الشيطان يغيب عنا يرانا ولا نراه يهمس في اذاننا ويوسوس لنا دون ان نعرف اين هو ولا ماذا يفعل لذلك نجد دائما السؤال من هو الشيطان 

وما هو امر عداوته للانسان وكيف نشات وكيفية مواجهه الشيطان واعوانه والتغلب عليه وعلى كل القوى الخفيه والظاهره في الكون لقد امرنا الله عز وجل ان نستعيذ به ذلك لان الله عز وجل قاهر فوق كل عباده وخلقه المؤمن منهم والكافر الطائع منهم والعاصي والذي له اختيار وكذلك المقهور على الطاعه كل هؤلاء مقهرون لله عز وجل فعلينا نعي تماما لا شيء في كون الله يخرج عن امره ولا شيء في كون الله يخرج عن مشيئته لذلك يقول الله عز وجل في كتابه الكريم ( وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير) سورة الانعام الايه 18 

وبالفعل لا يخرج شيء في الكون عن مراد الله عز وجل الفعلى ولكن يخرج الذين أعطاهم الحق سبحانه وتعالى الاختيار عن مراده الشرعي أو منهجه في أفعل او لا تفعل وهم يخرجون عن هذا المنهج باختيار الله عز وجل أنه سبحانه وتعالى هو الذي خلقهم 

قادرين على الطاعه وقادرين على المعصيه ولو أنه سبحانه وتعالى أراد أن يخلقهم مقهورين على الطاعه لفعل وهذا الأمر نجده في قوله سبحانه وتعالى ( لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين , إن نشأ ننزل عليهم من السماء ءايه فظلت أعناقهم لها خاضعين) سورة الشعراء الايه 3و4

وتلك الايه ما هي إلا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يجز في نفسه أن هناك من يرفضون الإيمان وكان هذا الحزن والأسى لأنه صلى الله عليه وسلم يعرف ما ينتظرهم في الاخره من عذاب مهين خالد باق وذلك لأنه رحمه للعالمين كان يريد أن ينقذهم من المصير الذي ينتظرهم لذلك يخبره الله عز وجل هنا بأن هؤلاء وأن خرجوا عن مراد الله الشرعي الذي أراده لهم بالإيمان به وأتباع منهجه فإنهم لم يخرجوا عن مراد الله عز وجل الفعلي لأن رب العزه سبحانه وتعالى أن شاء جعلهم جميعا مقهورين على الطاعه ولكن الله عز وجل أراد لهم أن يكونوا مختارين في أن يؤمنوا أو لا يؤمنوا يطيعوا أو يعصوا إذن فلا شيء في كون الله يخرج عن أراده الله عز وجل وقبل المضي أكثر علينا أن نفرق بين وصف الشيطان وبين الشيطان نفسه حيث أن الشيطان كوصف عام معناه كل ما يبعد الناس عن طاعه الله وعن طريق ومنطق الحق وكل من يغري بالمعصيه ويحاول دفع الانسان إلى عالم الشر فكل واحد من هؤلاء هو الشيطان لذلك علينا أن نعلم أن هناك شياطين من الجن وشياطين من الانس يجمعهم الاتحاد في المهمه التي هي نشر المعصيه والافساد في الارض أن شياطين الجن هم العصاه من الجن الذين يصدون عن الحق ويدعون إلى الكفر وشياطين الإنس يقومون بنفس المهمه إذا لفظ الشيطان هنا وصف لمهمه معينه وليس اشاره إلى شخص بإسمه فكل من دعا إلى الكفر والشرك والعصيان هو شيطان أما ابليس فهو شيطان من الجن وكانت له منزله عاليه حتى قيل أنه كان يعيش مع الملائكه 

إن إبليس خلق من خلق الله عز وجل ولكن يختلف عن الملائكه في خلقه مختارا وهو لا يستطيع أن يتمرد على أمر الله لهذا كان خروج إبليس عن طاعه الله ليس 

تمردا على أمر الله عز وجل ولكنه عدم طاعه الله هي بمشيئه الله عز وجل التي شاءت أن يخلقه مختارا قادرا على الطاعه وقادرا على المعصيه هذه المشيئه هي التي نفذ منها إبليس وينفذ منها كل عاص بعدم طاعه الله وهذه نقطه لابد أن نفهمها فلا شيء في كون الله عز وجل يتمرد على أمر الله ولكن الله خلق خلقا مقهورين على الطاعه هم الملائكه وخلقا مختارين في أن يطيعوا أو يعصوا هم الجن والانس ومن خلال هذه الاراده وهي إرادت الله عز وجل في أن يخلق خلقا قادرين على الطاعه قادرين على المعصيه لذلك جاءت المعصيه على الأرض 

لذلك نجد في هذا الأمر حديثا مطولا عن معصيه إبليس من خلال الملحدين وغيرهم على أنه كيف يحاسب إبليس على رفضه السجود لغير الله عز وجل حيث رفض السجود لادم 

نقول لابد أن نفهم معنى العباده فالعباده هي اطاعة المخلوق لأوامر خالقه وهنا فإننا عندما يقول الله عز وجل لنا أن نصلي خمس مرات في اليوم فالصلاه هنا تكون عباده وطاعه وقس على ذلك جميع العبادات من زكاه وصيام وحج وكل أمر أمره الله عز وجل به عباده الله هي طاعته وعصيان أمر الله معصيته 

ونحن لا نناقش الأمر مع الله وانما نطيعه فلا نقول لماذا نصلي خمس ولا نصلي اربعه أننا لا نرد أبدا أمرا أمرنا به الله عز وجل ولكن نطيع حتى ولو لم نعرف الحكمه حتى ولو لم ندرك السبب لأن العله في العباده هي أنها من الأمر اي من أمر الله عز وجل أن مهمتنا أن نستوثق أن الامر من الله وما دام الأمر من الله فالعله في تنفيذ الأمر فهو ليس موضوعا للمناقشه وأن مهمه العقل البشري هي الاستدلال على أن لهذا الكون إلها خلقه واوجده وأن هذا الإله هو الذي خلقنا وخلق نظاما غايه في الدقه والإبداع وكون غايه في الإعجاز لا يمكن أن يوجد إلا بخالق عظيم 

وعند وصولنا لتلك النقطه يكون هنا بدايه الإيمان ولابد أن نعلم أن عقولنا قاصره وهذا حدها لا يمكن أن تتجاوزه وهي لا يمكن أن تعلم مثلا من هذا الخالق العظيم وما أسمه وماذا يريد منا ولماذا خلقنا وهنا نجد دور الرسل لتكمل كل شيء يرسل الله عز وجل الرسل مؤيدون بمعجزات من الله عز وجل تخرق قوانين الكون ويقوم هذا الرسول بإبلاغ الناس بأنه سبحانه وتعالى هو الذي خلق هذا الكون وهو الذي سخره لخدمه الإنسان حتى القوى العظيمه في الكون التي تفوق قدرات الانسان ملايين المرات كالشمس مثلا والبحار والنجوم كل هذه القوى مسخره لخدمه الانسان 

فكل هذه القوى لا تستطيع عصيان الله ولا مناقشه الله عز وجل لأنها مسخره إذا مهمه الرسل هي أخبارنا بأن الله خلق هذا الوجود وسخره لنا وأنه يريد أن نعبده ونفعل أوامره وأن ننتهي عن نواهيه أنهم يحملون إلينا منهج الله عز وجل والله يؤيد تلك الرسل بالمعجزات نعلم جميعا أنها فوق قدرات البشر كل البشر حتى نتأكد من أنهم فعلا رسل الله وحتى لا يأتي مدعي أو شيطان يدعي الرساله ليضل الناس 

ولهذا إذا عرفنا ما يريده الله عز وجل منا فأنا علينا السمع والطاعه ويكون سبب ذلك الأمر الصادر من الله عز وجل فهو بعلمه يعلم ونحن لا نعلم وبحكمته يعرف صلاح كونه ونحن بحمقنا قد نفعل الشر ونظن أنه خير 

أن الله عز وجل بكل صفات كماله واجب العباده والإنسان إذا ناقش فإن من البديه أن يناقش مساويا في علمه فالطبيب يناقش طبيبا والمهندس يناقش مهندسا ولكن الطبيب لا يناقش في الطب نجارا أو سباكا أو غير مهنته حيث يجب النقاش بين متساويين فمن إذن يساوي الله عز وجل في علمه أو في قدرته أو في أي علم من العلوم حتى يناقشه فيما أمر أو نهى 

وعلينا نقرأ قوله تعالى في كتابه ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنه إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيره من أمرهم) سورة الأحزاب الايه 36

وكذلك قوله تعالى ( ءامن الرسول بما أنزل إليه من ربه مؤمنون كل أمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) سورة البقرة الايه 285

لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه هو أول من ءامن بالرساله التي جاء بها فكان أول من ءامن به هو نفسه صلى الله عليه وسلم 

اذا فثم شرع الله 

الى اللقاء في مقال اخر قادم بإذن الله تعالى تكمله لتلك السلسله وهي الشيطان والانسان