من ظلمة الى نور .. عبور الانسان الى ذاته
6 أكتوبر، 2025
أخبار العالم الإسلامى

بقلم الاستاذة : سيدة حسن
كل واحدٍ فينا عنده “أكتوبره” الخاص. فكما عبر جنودنا البواسل القناة بإيمانٍ لا يلين وشجاعةٍ لا تُقهر، هناك من يعبر خوفه بصمت، ويتخطى وجعه بثبات، ويواجه ضعفه ليصل إلى النور. فلكل إنسانٍ عبورٌ مختلف، ولكل روحٍ أكتوبرها الذي تخوضه في صمتٍ ونضال.
ليست كل الحروب ضد عدوٍ ظاهر، فالحرب الأشد هي تلك التي تدور داخل النفس؛ حربٌ مع الشيطان والشهوات، مع الطمع الذي يُقسّي القلب، والحسد الذي يُطفئ النور، والجهل الذي يُعمي البصيرة، والخوف الذي يُكسِر العزم. تلك هي المعارك الخفية التي لا تُرى، لكنها تترك في الروح ندوبًا لا تُمحى.
ومع ذلك، في كل مرة تُقاوم فيها هواك، وتغلب ضعفك، وتختار الطاعة على الغفلة، فأنت تصنع نصرًا حقيقيًا أعظم من أي انتصارٍ على أرض الواقع. النصر ليس دائمًا صاخبًا، بل قد يكون في سجدةٍ خاشعة أو دمعةِ توبةٍ صادقة أو قرارِ رجوعٍ إلى الله بعد انكسار.
وفي قلب المعركة، يكون النصر الحقيقي حين تغلب نفسك، وحين تقوم بعد كل سقوط، وتعود لتقف على أرضك الداخلية بثبات، تحمي إيمانك وترفع راية الصبر عاليًا. وحين تهدأ العواصف وتسكن المعارك، تجلس الروح في سكونها العميق وتُحدّث ربها قائلةً:
يا رب، إن انتصاراتي كانت بك، وهزائمي كانت مني، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين.
وحين تنطفئ أصوات الحرب، يبقى في القلب سلامٌ خفي، سلامُ من ذاق مرارة الجهاد فوجد في النهاية حلاوة القرب، وسلامُ من أدرك أن النصر ليس أن تغلب العالم، بل أن تغلب نفسك.
وسلامٌ لكل من فهم أن العبور ليس فقط فوق الماء، بل من ظلمةٍ إلى نور، ومن غفلةٍ إلى يقظة، ومن ضياعٍ إلى هداية، ومن ضعفٍ إلى قوة. فكل مرةٍ تكمّل بعد وجع، وتعفو بعد أذى، وتقوم بعد سقوط، اعرف أنك عبرت، وأنك انتصرت، وأنك عشت أكتوبرك الخاص.