كن ذا أثر (بيان ما ينفع العبد في حياته وبعد موته) للشيخ رضا الصعيدى
8 سبتمبر، 2025
خطب منبرية

كن ذا أثر (بيان ما ينفع العبد في حياته وبعد موته)
للشيخ : رضا الصعيدى
لتحميل الملف pdf اضغط أدناه
kon za asr2
قال تعالى : ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ [
سورة يس: 12].
جاء في التفسير الميسر :
إنا نحن نحيي الأموات جميعًا ببعثهم يوم القيامة، ونكتب ما عملوا من الخير والشر، وآثارهم التي كانوا سببًا فيها في حياتهم وبعد مماتهم من خير، كالولد الصالح، والعلم النافع، والصدقة الجارية، ومن شر، كالشرك والعصيان، وكلَّ شيء أحصيناه في كتاب واضح هو أمُّ الكتب، وإليه مرجعها، وهو اللوح المحفوظ. فعلى العاقل محاسبة نفسه؛ ليكون قدوة في الخير في حياته وبعد مماته.
أهمية هذا الموضوع :
تحقيق الايجابيه :
والإيجابية حالةٌ في النفس تجعل صاحبها مهمومًا بأمر ما، ويرى أنه مسئول عنه تجاه الآخرين، ولا يألوا جهدًا في العمل له والسعي من أجله.
تحقيق المسئولية :
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ : ” أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ)) متفق عليه..
تحقيق التميز :
قال تعالى : { لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37) الانفال } .. وقال : { وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) }.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ونحن عنده: طوبى للغرباء. فقيل: من الغرباء يا رسول الله؟ قال: أناس صالحون في أناس سوء كثير. من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم. رواه أحمد وصححه الألباني..وقال شعيب الأرناؤوط: حسن لغيره. ..
غربة المسلم المقصوده هنا تميزه عن غيره ..بالشجاعه وسط الجبناء ، وبالصدق وسط الكاذبين ، وبالامانه وسط الخائنين ….. الخ.
تحقيق الأخوة :
إن النبي ﷺ ربط ربطاً محكماً بين الأخوة الإنسانية وبين الإيمان، بل جعلها مِن مقوماته ، فعَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ : ((لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ ـ في الإنسانيةـ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)) ..
بقاء الذكر الحسن في الدنيا :
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً».
الشاهد قوله : اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً.. وهذا لا يكون الا بجودة العمل الذى يظل باقيا على مدار التاريخ .. فكم من فينا وليس من بيننا ..
التحلى بلباس الإسلام :
{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة: 138] .. يقول القرطبي عند تفسير هذه الآية: “فسمي الدين صبغة استعارة ومجازاً حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين كما يظهر أثر الصبغ على الثوب“ .وصبغة الله هي الإسلام، ذلك أن الإسلام يصبغ الإنسان بصبغة خاصة في عقيدته وفكره ومشاعره وتصوراته وآماله وأهدافه وسلوكه وأعماله.
ولشخصية المسلم سمة من أرفع السمات التي تميزه عن غيره، قال تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)(سورة الجاثية، آية: 18).
تحقيق التعاون علي البر:
قال تعالي:(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة ، لقد كان الرسول يقول : ” بادروا بالأعمال الصالحة” (ابن ماجة). ويقول : ” اغتنم خمساً قبل خمس “(مستدرك الحاكم). ويقول: “استعن بالله ولا تعجز “(مسلم) ….
قال تعالى:( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) الأنبياء وقوله جل وعلا: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدِّتْ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران وقوله: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) المطففين
الحذر من صورة الإمعةً :
فَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا وإِن أساؤوا فَلَا تظلموا “. (الترمذي).. قال تعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ” (النحل:76) لقد سمى الله السلبي في هذه الآية ” كلّ” والإيجابي بـ ” يأمر بالعدل”.. “كلّ” أصعب من سلبي.. لأن سلبي معناها غير فعال؛ أما كلّ فمعناها الثقيل الكسول؛ وقبل هذا فهو “أبكم” لا يتكلم ولا يرتفع له صوت!! وهذا عبء على المجتمع؛ لأن النظرة التشاؤمية هي الغالبة عليه في كافة تصرفاته.
دوام الثواب الى يوم القيامة :
روى مسلم عن جرير بن عبد الله : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ، ووزر من يعمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء .
الأصل في هذا الموضوع قول النبي صلى الله عليه وسلم :
[ إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم يُنتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ] وروى ابن ماجه عنه : أنه صلى الله عليه وسلم قال:
إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته ، علماً علمه ونشره ، أو ولداً صالحاً تركه أو مصحفاً ورثه . أو مسجداً بناه ، أو بيتاً بناه لابن السبيل أو نهراً أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، تلحقه من بعد موته .
واليك شرح الحديث وبيان نماذج وصور من الأثر الطيب :
علماً علمه ونشره:
معناه تعليم الطلبة، وتعليم الناس العلم، فالطلبة الذين يخلفهم ينتفع بتعليمهم الناس، يكون له أجر في تعليم الناس، وانتفاعهم بالعلم هم أيضًا، انتفاعهم بالعلم، وكذلك نفعهم للناس، بالعلم، بالإفتاء، والتعليم، والتذكير، ونحو ذلك، يكون له أجر في ذلك، لقوله ﷺ: من دل على خير؛ فله مثل أجر فاعله فهو له أجر التعليم والدلالة، ولهم أجرهم هم أيضًا بالتعليم والدلالة على الخير، وفضل الله واسع.
فطوبى لمن خلف مؤلفات نافعة من أهل العلم والفضل ، مثل البخاري، مسلم، أبي داود، الترمذي، النسائي، وغيرهم لهم أجر هذه الكتب النافعة التي خلفوها -رحمة الله عليهم- وهكذا كل مسلم يخلف كتابًا نافعًا مفيدًا، ينفع الناس له أجره.
وحديث : علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم ، يدل على العموم ، وما جاء في معناه، يدل على أن كل علم مباح يفيد الإنسان في نفسه، أو يفيد الناس من بعده، هو عمل مرغب فيه، مأجور عليه.
والمرجو من فضل الله تعالى، أن يعطي كل من ساهم في حفظ العلم النافع، ونشره حظه ونصيبه من أجر ذلك العلم النافع، وأن يكون صدقة جاريه له بعد مماته.
وفي الحديث: عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ، صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ، وَالرَّامِيَ بِهِ، وَمُنْبِلَهُ رواه أبو داود (2513)، والنسائي (3146) وأحمد في “مسنده” (17300) وقال محققوه: “حديث حسن بمجموع طرقه وشواهده“.
أو ولداً صالحاً تركه:
كما في الحديث : ( أو ولداً صالحاً تركه) ، فالولد الصالح شرف لوالديه احياء وامواتا ، يقول الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – : كنا نعيش في بغداد وكان والدي قد توفي ، وكنت أعيش مع أمي ، فإذا كان قبل الفجر أيقظتني أمي ، وسخّنت لي الماء ، ثم توضأت ، وكان عمره آنذاك (( عشر سنين )) !! ، يقول: ” وجلسنا نصلي حتى يؤذن الفجر ” – هو وأمه رحمهما الله- وعند الأذان تصحبه أمه إلى المسجد، وتنتظره حتى تنتهي الصلاة؛ لأن الأسواق حينئذ مظلمة، ثم يعودان إلى البيت بعد أداء الصلاة، وعندما كبر أرسلته أمه لطلب العلم !! ويقول أحد العلماء: أن لأم الإمام أحمد من الأجر، مثل ما لابنها؛ لأنها هي التي دلته على الخير..
ترفع درجتك في الجنه باستغفارِ ولدِكَ لكَ كما في الحديث : إنَّ اللهَ ليرفعُ الدرجةَ للعبدِ الصالحِ في الجنةِ فيقولُ يا ربِّ من أينَ لي هذا فيقولُ باستغفارِ ولدِكَ لكَ..الراوي : أبو هريرة | المحدث : الشوكاني | المصدر : فتح القدير | الصفحة أو الرقم : 5/142 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح.
كل تربية لهم صدقة :
حُسْنُ تَرْبِيَتِهِمْ، وَتَأْدِيبُهُمْ بِتَعْلِيمِهِمُ الصِّدْقَ وَالأَخْلاَقَ الْجَمِيلَةَ وَمَكَارِمَ الأَخْلَاقِ، وَمُجَالَسَةَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَنَهْيِهِمْ عَنِ الْكَذِبِ وَسُوءِ الأَخْلاَقِ، وَمُجَالَسَةِ أَهْلِ الْبَطَالَةِ وَاللَّعِبِ وَالسُّوءِ؛ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: “لأَنْ يُؤَدِّبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ”. [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ]. وَلِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: “مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نِحْلَةٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ”. [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ]. والنِّحْلَةُ: الْعَطِيَّةُ وَالْهِبَةُ.
مصحفاً ورثه :
اهداء المصاحف لأهل الله لصحبها أجر كل حرف …من باب الدال على الخير كفاعله.
ولكن ما ثواب قارئ القرءان ؟
روى الترمذي عن عبدالله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف” . قال الترمذى: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه ، وعن مجاهد عن أبي هريرة – رضي اللَّه عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من استمعَ إلى آية من كتاب الله عزَّ وجلَّ كتبت له حَسَنة مضاعفة ومَن تلاها كانت له نورًا يوم القيامة)) “صحيح مسلم”، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة، برقم: 1873، و”مسند أحمد”، كتاب حديث النواس بن سمعان الكلابي الأنصاري، باب: حديث النواس بن سمعان الكلابي الأنصاري، برقم: 17185.
(أو مسجداً بناه ) :
والمساجدُ أحبُّ البقاع إلى الله؛ روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلـم قال: أَحَبُّ الْبِلادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا.
روى البخاري ومسلم في الصحيحين، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله، بنى الله له مثله في الجنة“، والمثلية في الكم لا في الكيف؛ لأن موضع شبر في الجنة خير من الدنيا وما فيها، كما صرح بذلك الخبر عن الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-. وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “من بنى لله مسجداً يذكر فيه، بنى الله له بيتاً في الجنة“، والمراد بالباني في قوله: “من بنى لله مسجداً“، المراد به المتبرع بالبناء، سواء باشره في نفسه، أو استأجر أجيراً لبنائه، أما الصانع والأجير فهو -وإن كان لا يعدم أجراً إذا اصطحب النية واحتسب الأجر- لا يدخل فيما نص عليه الحديث وهو بيت في الجنة.
وفي رواية : ومن بنى مسجداً كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتاً في الجنة“.. والمراد بقوله -صلى الله عليه وسلم-: “ولو كمفحص قطاة“، فالقطاة طائر من الطيور، ومفحص القطاة محل فحصها، أي مجثمها لتبيض، ومعلوم أن ذلك المكان صغير جداً.
كما يجرى له الأجر في الدنيا ، ففي الرواية السابق ذكرها : ( إن مما يلحق المؤمن من عمله و حسناته بعد موته علما نشره و ولدا صالحا تركه و مصحفا ورثه أو مسجدا بناه أو بيتا لابن السبيل بناه أو نهرا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته و حياته تلحقه من بعد موته ) [أخرجه ابن ماجه وحسنه الالباني].
( أو بيتاً بناه لابن السبيل ) واهمية الوقف الخيري لله :
مثل وقف الأرض لتبنى عليها مثلاً دار للأيتام أو مدرسة أو مستشفى وغيرها من المنافع ، فقد لأوقف أمير المؤمنين عمر خيلاً في سبيل الله ، وأوقف أنس بن مالك رضي الله عنه داراً فكان إذا قدمها نزلها وأوقف الزبير بن العوام رضي الله عنه دوراً فعن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، ” أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ جَعَلَ دُورَهُ صَدَقَةً عَلَى بَنِيهِ ، لا تُبَاعُ وَلا تُورَثُ، وَأَنَّ لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ أَنْ تَسْكُنَ)) المردودة أي المطلقة، فهنا وقف على أولاده.
إذاً هذه الآثار تدل على مشروعية وقف الأرض للمسجد وللسكنى ولغيره ولابأس أن يستثني الانسان لنفسه أو لذريته جزءاً من هذه الأرض.
فإذاً يجوز وقف الأراضين، وأشار الإمام الشافعي إلى أن الوقف من خصائص أهل الإسلام ، وهي وقف الأراضي والعقار ثم قال الإمام الشافعي رحمه الله (( لم يزل العدد الكثير من الصحابة فمن بعدهم يلوون أوقافهم ، نقل ذلك الألوف عن الألوف لا يختلفون فيه)) .
يجوز الوصية بالثلث ، كما يجوز بأقل مثل الربع أو الخمس أو السدس ويجوز بأقل من ذلك. لحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: ((جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي زَمَنَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقُلْتُ : بَلَغَ بِي مَا تَرَى وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟، قَالَ : لَا، قُلْتُ : بِالشَّطْرِ؟، قَالَ: لَا، قُلْتُ: الثُّلُثُ؟، قَالَ : الثُّلُثُ كَثِيرٌ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَلَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ)) وهذا رواه البخاري . وقال صلى الله عليه وسلم ((إنّ اللّه أعْطاكُمْ عِنْد وفاتِكُمْ ثُلُث أمْوالِكُمْ زِيادة فِي أعْمالِكُمْ)).
(أو نهراً أجراه) :
وعن الحسن عن سعد بن عبادة أن امه ماتت..فقال: يارسول الله: إن أمي ماتت، أفأتصدق عنها؟ قال: ” نعم “.
قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: ” سقي الماء ” قال الحسن: فتلك سقاية آل سعد بالمدينة.. رواه أحمد والنسائي وغيرهما.
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “من حفر ماءً لم يشرب منه كَبِدٌ حرّى – أي عطشى – من جن، ولا إنسٍ، ولا طائر، إلا آجره الله يوم القيامة” .
الصدقة الجارية وبيان مفهومها :
والصدقة الجارية هي التي يستمر ثوابها بعد وفاة الإنسان، ولذلك خصها كثير من العلماء بـ (الوقف) كمن بنى مسجدًا، لأنه يجري عليه ثوابه ما دام الوقف باقيًا.
وأما ما لا يستمر ثوابه -كإطعام الفقراء والمساكين- فإنه لا يصح أن يسمى صدقة جارية، وإن كان فيه ثواب عظيم، إلا أنه لا يسمى صدقة جارية.
وقد حكى النووي الاجماع على أنها تقع عن الميت ويصله ثوابها سواء كانت من ولد أو غيره، لما رواه أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبي مات وترك مالا ولم يوص، فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: ” نعم “.
وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن: «كُلّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ يوم القيامة، يوم تُدْنَى الشمسُ من رؤوس العباد، حَتَّى يحكم الله بين الناس» (رواه أحمد: [16882]، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع: [4510]).
الواجب علينا :
جدد حلمك :
يقول علماء النفس، عندما تطلق لخيالك العنان كي ترسم الصورة التي تحبها في حياتك فإنك بذلك تستخدم قوة التفكير الإيجابي في تغيير واقعك الذي لا تريده.
احذر أن تكون من الفئة التي سماها الله ” المعوقين ” فقال: (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا) [الأحزاب: 18].
-سيدنا شعيب يدعو الناس إلى العناية بجودة المقاييس التجارية ” فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ” [الأعراف: 85].
– سيدنا موسى يعاتب بني إسرائيل حين طلبوا تغيير الطعام الجيد، واستبداله بطعام أقل جودة ” قَال أَتَسْتَبْدِلُونَ الذِي هُوَ أَدْنَى بِالذِي هُوَ خَيْرٌ ” [البقرة: 61].
– أحد الفتية من أصحاب الكهف رغم الجوع الشديد إلا أنه لم يمنعه جوعه من التذكير بأولوية البحث عن أطيب الطعام وأجوده، فقال مخاطباً إخوته مبيناً أن الجودة أولاً ” فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ ” [الكهف: 19].
التحلي بالاتقان :
الإتقان في التخطيط عند يوسف ، قال:{ تزرعون سبع سنين دأبا} يوسف 47، وكلمة {دأبا} توحي بالزيادة وبالفعل كانت هذه سياسة زيادة انتاج ثم { فما حصدتم فذروه في سنبله} يوسف 47، وهذه سياسة تخزين { ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن} يوسف 48، وهذه سياسة استهلاك مرشدة لتحتوي هذه الأزمة.
سبحان الله!! أرأيتم الاحسان وعلاقته بالتخطيط والاقتصاد وعلم الادارة؟ ألك الحق أن تفخر بدينك أم لا؟ يا له من اسلام عظيم شامل.. يستحقه بحق انسان محسن.
قَالَ تعالى: {إِنَّا جَعَلنَا مَا عَلَى الأَرضِ زِينَةً لَهَا لِنَبلُوَهُم أَيُّهُم أَحسَنُ عَمَلاً7} من سورة الكهف.
وَقَالَ تعالى : {الَّذِي خَلَقَ المَوتَ وَالحَيَاةَ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلاً} -الملك : 2.
تذكر يوم الحساب :
فكلُّ إنسانٍ مسئولٌ عن أعمالهِ، وأنَّه سيحاسبُ على ما اقترفتهُ يداهُ، وجنتهُ جوارحهُ، قال جلَّ وعلا (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) ( المدثر : 38 ) .. قال تعالى :{ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95) } سورة مريم … وقال تعالى : (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } (الإسراء : 14).
شارك في كل خير بإمكانك المساهمة فيه …ولا تيأس أبدا من رحمة الله…
كن صاحب اراده:
تعتبرُ الإرادةُ القويةُ مِن أهمِّ عناصرِ بناءِ الشخصيةِ لدى المسلمِ، فهي تُعلِي همتَهُ، وتزرعُ في نفسهِ الثقةً، فيُقدِم على فعلِ الخيرِ، وتحقيقِ ما يريدُهُ.. أمَّا ضعيفُ النفسِ والعزيمةِ فقد يُسلمُ نفسَهُ للأوهامِ والأباطيلِ، وينصاعُ للآخرين، ويستسلمُ مِن أولِّ مرةٍ، وهذا غيرُ مرغوبٍ في شخصيةٍ يقعُ على عاتقِهَا خدمةُ دينِهَا ووطنِهَا فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:«الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» (مسلم) .
لا تيأس من الجهد المهدور :
«الجهدِ المهدورِ» ذاك قانونُ رجالِ الأعمالِ، والقادةِ العظامِ، والعباقرةِ الجسامِ، فتجدَ الأسودَ مثلًا لا تنجحُ في الصيدِ إلّا في ربعِ محاولاتِهَا أي تفشلُ في 75% مِن صيدِهَا ومع ذلك لا تيأس مِن محاولاتِ المطاردةِ والمتابعةِ، ونصفُ مواليدُ الدببةِ تموتُ قبلَ البلوغِ، ونصفُ بيوضِ الأسماكِ يتمُّ التهامُهَا ومع ذلك ما زالَ هذا القانونُ الإلهِي مستمرًا لا ينقطعُ عن الطبيعةِ، لكنَّ الإنسانَ إذا أخفقَ في مشروعٍ أو فشلَ في عملٍ لا يريدُ أنْ ينهضَ مرةً أُخرى، بل يستسلمُ ويتكاسلُ، ويريدُ الحصولَ على المالِ بسهولةٍ، فيسلكَ كلَّ طريقٍ، ويباشرَ كلَّ وسيلةٍ حلالًا كانتْ أم حرامًا، وما يُؤتَى دونً عَرَقٍ أو تعبٍ يذهبُ سُدى.
عليك بالدعاء :
من دعاء الرسول صلى اللع عليه وسلم : اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا ، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا ، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا ، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا ، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا ، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا ، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا ) رواه الترمذي (رقم/3502) وقال: حسن غريب.