فإذا فرغت فأنصب وإلى ربك فأرغب
17 أكتوبر، 2025
منهج الصوفية

المقال من سلسلة : سألنى أحد المريدين ( المحبين )
بقلم الكاتب والداعية الإسلامى الدكتور : رمضان البيه
سألني أحد المحبين عن قول الله تعالى ” فإذا فرغت فأنصب وإلى ربك فأرغب ” .
فأجبته : الرغبة معناها الإنقياد لله تعالى وإخلاص الوجهة له والتسليم المطلق والولاء الكامل له سبحانه وتعالى. وهذا المعنى مأخوذ من قوله تعالى “
“ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد إصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين . إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين” .
والمعنى أيضا.. إذا فرغ قلبك من حب الدنيا وزهدت فيها . وفرغت نفسك من حب الشهوات والأهواء .
وفرغ قلبك من العلائق والأغيار ، فأرغب في إقامة حلقة الوصل والإتصال بربك تعالى بالصلاة والذكر ، وكن في حال إقبال دائم عليه سبحانه طالبا إياه راجيا فضله ورضاه والقرب منه والوصل به سبحانه وأشعل نفسك بطاعته ورضاه .
ولا يتأتى ذلك إلا بمجاهدة النفس وذلك بمخالفة هواها وتقويم شهواتها وإسقاط الأنا العالقة بها بعدم رؤيتها والسعي في تزكيتها ، حتى تكن من أهل الفلاح الذين أشار الحق سبحانه وتعالى إليهم بقوله تعالى ” ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ” .
وأعلم أن أنه لا سبيل إلى سلوك طريق الله عز وجل والقرب منه تعالى والمعرفة به سبحانه إلا بالمجاهدة في الله. لقوله تعالى “
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ” …
فسألني قائلا : شيخي .ما معنى قوله تعالى ” والذين جاهدوا فينا ؟
فأجبته : أي الذين جاهدوا أنفسهم طاعة لنا وحبا فينا .أي طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وحبا في الله تعالى ورسوله ، فالحب هو الأساس والركن الركين في سلوك طريق الله تعالى والتقرب منه .وكذلك حب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وطاعته وأتباعه . ي
قول تعالى ” قل إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ” ، ولقد أوجب الحق عز وجل على المؤمنين طاعة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وقرن طاعته عز وجل بطاعته صلى الله عليه وسلم وقد ورد ذلك في أيات كثيره منها قوله تعالى ” من يطع الرسول فقد أطاع الله ” .
وقوله عز وجل ” ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ” ،وقوله سبحانه ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ” ..
وقوله جل ثناءه ” ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا” ..
هذا وفي الإستجابة لله بطاعته عز وجل وللرسول بإتباعه والإهتداء بهديه صلى الله عليه وسلم تتزكى النفوس وتحيا القلوب لقوله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا إستجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم وأعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وإليه تحشرون ” .