مجازر الوهابيين فى عمان والشام والعراق

اعداد الاستاذ / سيد حسن
المقال الثالث عشر من سلسلة ( الوهابية فكراً وممارسة )

كتاب للدكتور محمد عوض الخطيب

عاد الوهابيون مرة اخرى إلى غزو عمان ، فأغاروا على صحار وأطراف بركة وسمائل ، كما غزا المطيري بالتعاون مع تركي وناصر آل سعود (مطرحاً) من موانى عمان فقتلوا ونهبوا ثم توجهوا إلى مسقط، ولما عجزوا عن اقتحام سورها أحرقوا البيوت التي خارج السور ، ثم تهادنوا مع إمام عمان لمدة ثلاث سنوات ، الأمر الذي سمح لهم بمد نفوذهم حتى تخوم عمان الغربية.

وفي سنة ١٢٢٣هـ / ۱۸٠٨م وجهت سرية وهابية إلى عمان فلم تحرز نصراً ، وفي سنة ١٢٢٥هـ / ۱۸۱۰م حشد مطلق المطيري جموعاً من أهل نجد وبعض العمانيين وأخذوا يغيرون على مناطق الباطن وصحار ثم على مناطق هور وسمايل ، ولكن التهديد المصري وضع حداً لهذا النشاط.

وكان الوهابيون قد أخذوا يغزون أطراف الشام ، فهاجم عبد الله بن سعود حوران سنة ١٢٢٥هـ / ۱۸۱۰م فأحرق ونهب وسبى بعد أن قتل حتى الأطفال ناهيك عن الكبار وهدم البيوت وعاث فساداً وقدرت قيمة ما ألحقه من أضرار بتلك المنطقة بثلاثة ملايين درهم حينذاك.

وتوسعت غزوات عبد الله بن سعود فوصلت إلى حلب وقطع الطريق بين الشام والعراق وكانت سراياه تصل إلى القادسية، كما غزا أطراف السماوة وسوق الشيوخ وقتل خلفاً كثيراً هو الآخر.

مجازر الوهابيين في كربلاء :

حشد سعود بن عبد العزيز جيشاً من أعراب نجد قدر بعشرين ألفاً وتوجه إلى العراق حيث حاصر مدينة كربلاء المقدسة واقتحمها ، فقتل قتلاً ذريعاً لم ينج منه حتى الأطفال ونهب خزائن من الذهب والجواهر النفيسة ، وهدم قبر الحسين (عليه السلام) واقتلع الشباك الموضوع عليه ، كما أنه ربط خيله في الصحن ودق القهوة فيه .

وقد وصف محمد حامد الفقي ، من المتحمسين لآل سعود ، مجزرة كربلاء مشيداً بدور ( جند الإسلام الوهابي فقال: توجه سعود في ذي القعدة من سنة ١٢١٦هـ / ١٨٠١م بجموع كثيرة وقوة عظيمة إلى العراق والتقى في كربلاء بجموع كثيفة من الأعاجم ورجال الشيعة [ وهم الزوار العزل طبعاً ] الذين استماتوا في الدفاع عن معاقل عزّهم ومحط آمالهم ، قبة الإمام الشهيد الحسين رضي الله عنه وغيرها من القباب والمشاهد. ولكن جيش التوحيد (!) قد تغلب بقوة إيمانهم (!) وصدق عزيمتهم في الجهاد (!) لهدم كل نصب وطاغوت (!) مع الله اتخذ شريكاً في العبادات وجعل الله نداً في القربات . وشأن مشاهد كربلاء والكاظمية والنجف ومعصومة قوم (قم) وموسى الرضا عند الشيعة وتعظيمهم لها معلوم للقاصي والداني.

فكانت موقعة هائلة وكانت مذبحة عظيمة سالت فيها الدماء أنهاراً ، خرج منها سعود وجيشه ظافرين ودخل كربلاء وهدم القبة العظيمة بل الوثن الأكبر (!) المنصوب على ما يزعمون من قبر الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما ، وأقر الله بهدمها عين الإمام الحسين وعيون الموحدين الذين يتتبعون شرعة جد الحسين أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عن الحسين وآله الطاهرين.

فعلا لقد سالت الدماء أنهاراً ، ولكن ليس لتقر عين الحسين وجد الحسين صلى الله عليهما وسلم بل لتمتلىء خزائن آل سعود من الأموال المنهوبة ويرضى أسياد آل سعود الجاهدين لتدمير الإسلام بتدمير رموزه.

ولا ضرورة لمزيد تعليق على كلام هذا الشيح المتكسب ، كما رأينا ، النابع من روح وهابية متشفية شاملة.

وفي شهر صفر من سنة ١٢٢١هـ / ١٨٠٦م هاجم سعود المذكور النجف الأشرف حتى وصل إلى السور وصعد عليه بعض أصحابه ولكن أهل النجف تصدوا له وردوه على أعقابه بعد أن أكثروا القتل في المهاجمين. ثم حاول سعود أن يغزو النجف مرة أخرى في جمادى الآخرة من السنة التالية ولكنه وجد أهل النجف مستعدين على السور بالأسلحة فكر راجعاً ، فتوجه إلى الحلة فلما رأى أهلها على استعداد تحول عنها إلى كربلاء التي فاجأها نهاراً ، ونشبت معركة بينه وبين أهلها ، وفشا القتل بين الفريقين فاضطر إلى التراجع وراح ينهب في أنحاء العراق الجنوبي فعطل الحج ثلاث سنين .

وفي سنة ١٢٢٥هـ / ۱۸۱۰م عاود الوهابيون الكرة على النجف وكربلاء فقطع الطريق وأخذ جيشه ينهب الزوار وقتلوا منهم عدداً كبيراً قدر بمائة وخمسين نفسا ما بين الكوفة والنجف.

وهكذا لم يرع الوهابيون حرمة لابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنهبوا مشهده وقتلوا زواره وهدموا قبته وكل ذلك في سبيل نشره الاسلام الصحيح والقضاء على (الاسلام الشركي). على أن السعوديين الوهابيين تجاوزوا ذلك وما آثاره من ردود فعل عند كافة المسلمين ، وذلك باعتدائهم على قبر جد الحسين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نفسه كما سترى فى المقال التالى.