هل التصوف علم أم مجرد تجربة روحية؟
13 ديسمبر، 2025
منبر الأزهريين

بقلم الدكتور : طه عبد الحافظ أحمد الوزيري
دكتوراة فى الدعوة والثقافة الإسلامية – جامعة الأزهر الشريف
لقد نشأ من الإيمان علم العقيدة، ومن الإسلام علم الشريعة من فقه وتفسير وحديث وغير ذلك.
فهل التصوف أو السلوك أو التربية.. علم؟
لن أذكر جوابا من نفسي، ولا من الصوفية، ولكن أنقل إليكم ما رضي به وأقر به الإمامان العظيمان ابن كثير والذهبي:
يقول ابن كثير:
“الْقَاضِي الْمُرْتَضَى أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْقَاسِمِ الشَّهْرَزُورِيُّ، وَالِدُ الْقَاضِي جَمَالِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّهْرَزُورِيِّ قَاضِي دِمَشْقَ فِي أَيَّامِ نُورِ الدِّينِ، اشْتَغَلَ بِبَغْدَادَ وَتَفَقَّهَ بِهَا، وَكَانَ شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ، بَارِعًا دَيِّنًا حَسَنَ النَّظْمِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَلَدِهِ فَكَانَ يَعِظُ وَيَتَكَلَّمُ عَلَى الْقُلُوبِ، وَلَهُ قَصِيدَةٌ بَارِعَةٌ فِي عِلْمِ التَّصَوُّفِ”.
(البداية والنهاية ج16 ص233 دار هجر).
ولما تكلم عن ابن عربي:
“وَكَانَ فَاضِلًا فِي عِلْمِ التَّصَوُّفِ، وَلَهُ تَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ”.
(البداية والنهاية ج17 ص253).
ولما تكلم عن الشيخ عبد الله بن غانم بن علي بن إبراهيم بن عساكر بن الحسين المقدسي:
“وله أشعار رائقة، وكلام قوي في علم التصوف، وقد طول اليونيني ترجمته، وأورد من أشعاره شيئا كثيرا”.
(البداية والنهاية ج17 ص512).
وأقر بذلك الذهبي، ومن نقله:
“كَانَ أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيُّ مُقدَّماً فِي عِلْمِ التَّصَوفِ”.
(سير أعلام النبلاء ج16 ص237 دار الحديث).
وعند حديثه عن الإمام أبي الفضل الطوسي قال: “وَكَانَ وَاسِع الرّحلَة، حَسنَ التَّصَانِيْف.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَالسُّلَمِيّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ أَحدُ أَركَانِ الحَدِيْثِ بِخُرَاسَانَ مَعَ مَا يَرجِعُ إِلَيْهِ مِنَ الدِّينِ وَالزُّهْدِ وَالسخَاء وَالتَّعصُّبِ لأَهْلِ السُّنَّة، أَوّلُ رحلتِهِ كَانَتْ إِلَى مَرْو، إِلَى اللَّيْثِ بن مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيّ.
قَالَ: وَمَا خلَّف يَوْم مَاتَ بِالطَّابَرَان مِثلَه، وَأَمَّا عُلومُ الصُّوْفِيَّة وَأَخْبَارُهُم وَلُقِيُّ مَشَايِخهِم، فَإِنَّهُ مَا خلَّف فِي ذَلِكَ بِخُرَاسَانَ مثله”.
(سير أعلام النبلاء ج17 ص7).
وقد طرحت هذ السؤال لأصل برسالة من خلال إجابته إلى المتحدثين عن التصوف من أتباعه وخصومه، وهي:
إن التصوف علم، فمن أراد أن يتحدث عنه فليتعلم قبل أن يتكلم، ليقيس المتحدثين عنه بمناهجه وأسسه.
أقصد يحكم على المنتسبين والخصوم من خلال العلم نفسه، ولا يحكم على التصوف كـ(علم) من مخالفات من نسبوا أنفسهم إليه.
(هذا، وإذا كان التصوف الحق علما فإنه أيضا تجربة روحية مضبوطة بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة من المربين المخلصين، غير ذلك فهو دجل وشعوذة).