المحكوم عليه والأهلية عند الأصوليين (10)


بقلم فضيلة الشيخ : أبو بكر الجندى

المحكوم عليه هو: الشخص الذي يتعلق خطاب الشارع بفعله، وهو المكلف.

شروط صحة التكليف: البلوغ والعقل، لقوله صلى الله عليه وسلم: “رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق”، كما أن الصبي والمجنون لا قدرة لهما على فهم خطاب الشارع، ومن لا قدرة له على الفهم لا يمكنه الامتثال، فإن قيل إن تكليف من لا يفهم الخطاب قد ورد شرعاً، في حالات, منها:
ـ قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}[النساء: 43]، ففي حالة السكر مكلفون بالكف عن الصلاة، والجواب: أن الخطاب في هذه الآية ليس موجهاً إلى السكارى حال سكرهم، إنما هو موجه إلى عموم المسلمين حال صحوهم ألا يشربوا الخمر إذا قرب وقت الصلاة حتى لا تقع صلاتهم حالة سكرهم، لأن هذه الآية نزلت قبل آية تحريم الخمر مطلقاً.

ـ أن في الناس غير العربي الذين لا يفهمون خطاب الله تعالى، فكيف يكونون مكلفين؟ والجواب: أن الذين لا يفهمون اللسان العربي لا يمكن تكليفهم شرعاً؛ لأن القدرة على فهم خطاب الشارع شرط في صحة التكليف، ولكن يمكن تبليغهم خطاب الشارع إما بتعليمهم لغة القرآن أو ترجمة النصوص الشرعية أو تعاليمها إلى لغتهم، أو بتعليم أقوام من المسلمين لغات الأمم العربية وقيامهم بنشر تعليم الإسلام بلغتهم، وهذا من الواجب الكفائي.

ـ أن في القرآن الكريم ما لا يمكن فهمه كالحروف المقطعة؟ والجواب: أن هذه الحروف أن هذه الحروف إعجاز لإقامة الحجة على المخالفين, وليست من خطاب التكليف فلا يتوقف التكليف عليها.

الأهلية عند الأصوليين:

الأهلية لغة: الصلاحية، وفي الاصطلاح الأصولي تنقسم إلى قسمين: أهلية وجوب وأهلية أداء.

وأهلية الوجوب هي: صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه، وتثبت هذه الأهلية بالحياة؛ ولهذا تثبت للجنين وإن كانت ناقصة. وطلق هذا المعنى أيضاً على مصطلح (الذمة)؛ لأنه ما من مولود إلا وله ذمة، وبالتالي يكون أهلاً للوجوب له وعليه
وأهلية الأداء: هي صلاحية الإنسان لأن يطالب بالأداء، وأن تعتبر أقواله وأفعاله وتترتب عليها آثارها الشرعية, وأساس هذه الأهلية التمييز لا الحياة.

الأهلية الكاملة والناقصة: كل من أهلية الوجوب والأداء قد تكون ناقصة أو كاملة نظراً للأدوار التي يمر بها الإنسان في حياته.

أهلية الوجوب الناقصة هي: صلاحية الإنسان بأن تكون له حقوق، ولكنه لا يصلح لأن يجب عليه شيء، وهي ثابتة للجنين في بطن أمه، وبها كان أهلاً لاستحقاق الإرث والوصية.

أهلية الوجوب الكاملة هي: صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق له وثبوت الواجبات عليه، وتثبت هذه الأهلية للإنسان منذ ولادته إلى موته، فيَرث ويُورَث وتجب له النفَقة، كما تجب عليه في ماله.

أهلية الأداء الناقصة هي: صلاحية الإنسان لصدور بعض التصرفات دون بعض، ومناط هذه الأهلية هو التمييز حتى البلوغ، وسن التمييز يبدأ من سبع سنين بالاتفاق لحديث: “مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع”.

أهلية الأداء الكاملة: وهي صلاحية الإنسان لصدور الأفعال منه على وجه يُعتد به شرعاً، وتثبت هذه الأهلية للبالغ الرشيد فيكون صالحاً لإنشاء جميع العقود من غير توقف على إجازة الولي.