كيف أكتبُ عن داءٍ… والجميع مُبتلًى به؟
15 نوفمبر، 2025
بناء الأسرة والمجتمع

بقلم الشيخ : مصطفى عبدالكريم الأَزْهريّ المالكيِّ
امام وخطيب ومدرس بوزارة الاوقاف المصريه
الهاتف: الآلة التي تسرق أبناءنا ونحن نبتسم!
في زمنٍ أصبح فيه الهاتف جزءًا من اليد، وصار الإنترنت ضيفًا مقيمًا في كل بيت، نحاول أن نتحدث… أن ننصح… أن نُحذّر.
لكن السؤال المؤلم الذي يطلّ دائمًا:
كيف نكتب عن شيءٍ… نحن جميعًا واقعون فيه؟
كيف ننصح بما نعجز عنه نحن؟
ومع ذلك – رغم هذا الضعف العام – هناك نصيحة لا يجوز السكوت عنها، لأنها تتعلق بأغلى ما نملك: أبناؤنا.
الهاتف… ليس لعبة!
بل آلة مُدمّرة إذا دخلت مبكرًا
الطفل حين يمسك الهاتف صغيرًا لا يرى شاشة… بل يرى عالمًا كاملًا مليئًا بالمتعة والإثارة والألوان والمقاطع السريعة التي تخطف العقل.
وأخطر ما في الأمر…
أنه يجد فيها لذةً لا يستطيع الأب والأم ولا أي شيء في الحياة أن يقدمه له.
عندها يتحول الهاتف من وسيلة… إلى إدمان.
الإدمان يبدأ من لحظةٍ بريئة
“اديهاله شوية عشان ينام؛ “سيبه يلعب لحد ما أخلص الشغل؛ “ماهو لازم يواكب العصر”…
هكذا يبدأ التبرير… وهكذا يبدأ السقوط.
أنت لا تعطيه هاتفًا…
أنت تعطيه بوابةً على عالمٍ أكبر من عقله، فيه من الإغراء ما يفوق قدرته، ومن الملذات ما يتجاوز حاجته، فتتغيّر شخصيته دون أن تشعر.
ماذا يحدث للطفل بعد فترة؟
ستفاجأ بأن ابنك:
– لا يريد الجلوس معك
– لا يحب الكلام مع العائلة؛ يصبح سريع الغضب يقل تركيزه
– ينزعج من أي صوت أو ضيف ويرجع دائمًا إلى… الهاتف!
لأنه ببساطة: وجد فيه ما يملأ فراغه ويشبِع رغباته… فاستغنى عنكم.
إدمان أقوى من المخدرات!
الأبحاث تقول إن الهواتف—بما فيها من فيديوهات قصيرة وألعاب—تطلق في الدماغ مادة “الدوبامين”،
وهي نفس المادة التي يفرزها الجسم عند تعاطي المواد المخدّرة!
فما بالك بطفلٍ صغير… لم يتكوّن عقله بعد؟
الحقيقة التي نخاف أن نعترف بها:
نحن—الآباء—نُسَلِّم أبناءنا لأخطر جهاز في العالم…
بأيدينا، وبابتسامتنا،ونقول بعدها: “مش عارف ابني اتغيّر ليه!
النصيحة الذهبية… قبل فوات الأوان
إياكم… ثم إياكم…
أن تعطي طفلك هاتفًا في سنّ مبكرة،مهما كان السبب،ومهما كانت الضغوط.
فأنت لا تحفظ وقتَه فقط،أنت تحفظ قلبه وعقله ومستقبله.
أبناؤنا أمانة…والهاتف ليس مربّيًا،والإنترنت لا يعرف الرحمة.
ما الحل؟؟!
– ابدأ بتقليل وقت الشاشة للأبناء تدريجيًا.
– استخدم الألعاب الواقعية والأنشطة البدنية.
– شارك أبناءك في وقت اللعب والقراءة.
– ضع الهاتف في مكان ظاهر وليس في يد الطفل.
– اجعل استخدامه مشروطًا بالعمر والنضج، وليس للتهدئة أو الإلهاء.
الخلاصة :
نحن لسنا ضد التكنولوجيا…
لكننا ضد أن تسرق أبناءنا وتختطف أرواحهم وهم بين أيدينا.
احمِ ابنك اليوم… قبل أن تبحث عنه غدًا فلا تجد إلا هاتفًا يربيه، وواقعًا يبتلعه. نسأل الله السلامة والعافية