الأصول لغة جمع أصل، وهو في اللغة: ما ابتنى عليه غيره حسياً كالبناء أو معنوياً.
اصطلاحاً: يراد بالأصل عدة معانٍ: الدليل والراجح والقاعدة والمستصحب، مثل استصحاب براءة الذمة كأصل حتى يثبت خلافه.
الفقه لغة: العلم بالشيء والفهم له، ويطلق في القران الكريم على دقة الفهم ولطف الإدراك لا على مطلق العلم، قال تعالى عن موسى عليه السلام: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي}[طه: 27، 28]، وقال تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} [هود: 91].
الفقه اصطلاحا: هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية.
شرح التعريف: الأحكام جمع حكم، وهو إثبات أمر لآخر إيجاباً وسلباً، كقولنا الماء ساخن أو غير ساخن، والمراد بالأحكام هنا ما يثبت لأفعال المكلفين من وجوب أو ندب أو حرمة أو كراهة أو إباحة أو صحة أو فساد أو بطلان.
وتقييد الأحكام بالشرعية؛ لأنها منسوبة إلى الشرع، فيخرج به الأحكام العقلية، كالعلم بأن الكل أكبر من الجزء، والأحكام الحسية كالعلم بأن النار محرقة، والأحكام التجريبية كالعلم بأن السم قاتل، والأحكام الوضعية كالعلم بأن كان وأخواتها ترفع المبتدأ وتنصب الخبر.
وتقييد الأحكام بكونها عملية؛ لأنها متعلقة بأفعال المكلفين كعبادتهم ومعاملاتهم، ليخرج به الأحكام الاعتقادية والأحكام الأخلاقية.
وتقييد الأحكام بكونها مكتسبة؛ لأنها مستفادة من الأدلة التفصيلية بطريق النظر والاستدلال، فيخرج بذلك علم الله بالأحكام، وعِلم الأنبياء، وعلم المُقَلِّد.
والأدلة التفصيلية هي الأدلة الجزئية التي يتعلق كل منها بمسألة خاصة وينص على حكم معين.
تعريف أصول الفقه كلقب هو: العلم بالقواعد الإجمالية التي يستنبط بها الفقه.
والقاعدة هنا هي قضايا كلية يُعرف بها جزئيات كثيرة تندرج تحتها، والأدلة الإجمالية هي مصادر الأحكام الشرعية كالكتاب والسنه والإجماع والقياس.
الغرض من دراسة أصول الفقه:
ـ الوصول إلى الأحكام الشرعية العملية بوضع القواعد والمناهج الموصلة إليها.
ـ وقوف الطالب على مآخذ أقوال الأئمة وأساس مذاهبهم. قدرة الباحث على المقارنة والترجيح بين هذه الأقوال وتخريج الأحكام على ضوء مناهج الأئمة التي اتبعوها في تقرير الأحكام واستنباطهم.
نشأة علم أصول الفقه: أصول الفقه وجد منذ وجد الفقه، ولكن الفقه سبق علم الأصول في التدوين، وأن قارنه في الوجود، كما أن العادة الشيء يوجد ثم يدون، فالتدوين كاشف عن وجوده لا منشئ له.
ولم يظهر تدوينه لعدة أسباب من أهمها: ـ كان النبي صلى الله عليه وسلم هو مرجع الفتيا وبيان الأحكام، فما كانت هناك حاجه للكلام على قواعده فضلا عن تدوينه في العصر النبوي.
ـ لم يشعر الصحابة بالحاجة للكلام عن قواعد الاجتهاد ومسالك الاستدلال والاستنباط بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لمعرفتهم على معانيها لإحاطتهم بأسرار التشريع وحكمته وعلمهم بأسباب نزول القران وورود السنة.
ـ في عصر التابعين ساروا على نهج الصحابة في الاستنباط ولم يحسوا بالحاجة أيضاً إلى تدوين أصول الفقه؛ لقرب عهدهم بعصر النبوة ولتفقههم على الصحابة وأخذهم العلم منهم.
ـ بعد انقراض عصر الصحابة وعصر التابعين اتسعت البلاد الإسلامية وجَدَّت حوادث ووقائع كثيرة واختلط العجم بالعرب على نحو لم يعد بسبب اللسان العربي على سلامته الأولى، وكثر الاجتهاد والمجتهدون وتعددت طرقهم في الاستنباط واتسع النقاش والجدل وكثرت الاشتباهات والاحتمالات، فمن أجل ذلك كله أحس الفقهاء بالحاجة إلى وضع قواعد وأصول وضوابط للاجتهاد يرجع إليها المجتهد عند الاختلاف وتكون موازين للفقه وللرأي الصواب.