النتن ياهو.. خادم النار السرية وتاريخه الدموي في خدمة الصهيونية الشيطانية العالمية
28 سبتمبر، 2025
أخبار العالم الإسلامى

بقلم فضيلة الشيخ : حسين السمنودي
إمام وخطيب ومدرس على درجة مدير عام بمديرية أوقاف القاهرة
من يتتبع تاريخ بنيامين نتنياهو، أو كما يسميه الكثيرون “النتن ياهو”، يجد نفسه أمام سجل أسود حافل بالجرائم والمؤامرات والخيانة. فهو ليس مجرد سياسي إسرائيلي، بل تجسيد حي لمشروع الصهيونية الشيطانية العالمية التي تتغذى على الدماء والخراب والفوضى. ولد نتنياهو في بيت غارق في الفكر التلمودي المتطرف، ونشأ محاطًا بعقيدة ترى في غير اليهود مجرد “عبيد” لا حق لهم في الحياة. ومنذ شبابه في القوات الخاصة الإسرائيلية شارك في عمليات قتل واغتيال ممنهجة ضد الفلسطينيين واللبنانيين، ليترسخ في داخله نهج الدم كسلاح وحيد لتحقيق أطماعه.
تقلد نتنياهو منصب رئيس الوزراء أكثر من مرة، وفي كل فترة من فتراته تصاعدت الأزمات وتضاعفت الجرائم. كان دائمًا يختار الطريق الأسهل بالنسبة له والأصعب على الآخرين، وهو طريق الدم والقتل والخراب. فقد أشعل الحروب المتكررة على غزة، فحول سماءها إلى جحيم، وأطلق العنان لآلة القتل التي تستهدف المدنيين بلا رحمة، ليحقق مكاسب سياسية على حساب دماء الأبرياء. كان يدرك أن قتل الأطفال والنساء وتشريد الأسر الفلسطينية سوف يعزز من صورته أمام اليمين المتطرف الذي يتغذى على خطاب الكراهية. ورغم الإدانات الدولية المتكررة، ظل ماضيه وحاضره مرتبطين بالمجازر، من بيوت غزة المهدمة إلى شوارع لبنان التي عانت من ويلات عدوانه.
لم يتوقف نتنياهو عند حد الحروب، بل كرّس وجوده لخدمة الاستيطان. ففي عهده تضاعفت أعداد المستوطنات في الضفة الغربية، وتم الاستيلاء على الأراضي الزراعية، وتجريف أشجار الزيتون، وتهجير الفلسطينيين قسرًا، ليصبح مشهد الاقتلاع والتشريد رمزًا بارزًا من رموز سياساته. كذلك كان وراء موجات الاغتيالات المنظمة التي طالت قادة المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج، وهي سياسة رآها ضرورية لإضعاف أي صوت يقاوم مخططاته.
ومن جهة أخرى، استخدم نتنياهو التحريض الطائفي والديني كسلاح فعال، فصوّر الفلسطينيين والعرب كخطر وجودي دائم، وزرع الخوف في عقول المستوطنين لضمان بقائهم متمسكين بسياسات الحرب والدمار. سعى لتهويد القدس، واعتدى على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وحاول فرض واقع جديد على المدينة المقدسة ليخدم أجندته الخبيثة. كان يرى في كل خطوة يخطوها فرصة لطمس الهوية الفلسطينية وإعلاء الهيمنة الصهيونية على حساب حقوق الشعوب.
ورغم أن صورته أمام الغرب كانت دائمًا صورة “رجل الأمن والديمقراطية”، إلا أن حقيقته كانت واضحة، فهو مجرد خادم مطيع للمخطط الأمريكي والغربي. نسج علاقات قوية مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وظل أداة بيدها، خاصة مع الرئيس ترامب الذي منحه القدس عاصمة مزعومة للكيان، وبارك صفقة القرن التي أرادوا بها تصفية القضية الفلسطينية. كما كان نتنياهو ذراعًا قويًا للوبيات المال والإعلام، فاستغل نفوذها لتلميع صورته وتغطية جرائمه، بينما الحقيقة على الأرض كانت دماء وأشلاء وضحايا.
لم يكن تاريخه السياسي فقط ملوثًا بالدماء، بل كان غارقًا أيضًا في فضائح الفساد. ملاحقته قضايا الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال كشفت وجهه الآخر، وجه السياسي الذي لا يتورع عن استغلال منصبه لإشباع طموحاته الشخصية. وقد عاش حياته يخادع الداخل والخارج، يتحدث عن القيم والديمقراطية بينما يعبث بخزائن الدولة لمصالحه الخاصة.
لقد صنع نتنياهو من الخوف سياسة، فظل لسنوات يضخم الملف الإيراني ويصدره كخطر داهم يهدد العالم، لا لشيء إلا ليبتز الغرب ويضمن استمرار الدعم العسكري والسياسي لكيانه. كان يعلم أن إشعال الحروب الصغيرة والتلويح بالحروب الكبيرة هو الطريقة المثلى لضمان ولاء القوى العالمية لمشروعه الدموي.
ومهما حاول أن يجمّل صورته بخطب في الأمم المتحدة أو بزيارات دبلوماسية في العواصم الكبرى، فإن بصماته واضحة لا تخطئها عين: دماء الأبرياء في غزة، أشلاء الأطفال تحت الركام، أراضٍ مسلوبة، مقدسات منتهكة، وجرائم موثقة في ذاكرة الشعوب. لقد جسّد “النتن ياهو” صورة الطاغية الذي لا يرى في شعبه سوى وقود لمعركته الشخصية، ولا في العالم سوى ساحة لتنفيذ مشروع الخراب، خادمًا بكل إخلاص للنار السرية التي تقودها قوى الظلام.
إن نهاية الطغاة مهما بدت بعيدة، فهي حتمية لا مفر منها. سيظل نتنياهو مطاردًا بلعنة الأمهات الثكالى ودموع الأطفال اليتامى وصرخات الأسرى في السجون. لن تنفعه تحالفاته مع أمريكا، ولن تحميه اللوبيات المالية والإعلامية، ولن تغطي الأكاذيب الغربية جرائمه التي يراها العالم عيانًا كل يوم. فالتاريخ لا يرحم، والذاكرة لا تمحو، والعدالة الإلهية لا تغفل. سيبقى اسمه في صفحات التاريخ مقرونًا بالغدر والدمار، كما ارتبطت أسماء الطغاة من قبله بالهلاك. ومهما ارتفع صوته اليوم بالتهديد والوعيد، فإن غدًا قادم يحمل له الحساب العادل، فكل طاغية له نهاية، وكل ظالم له سقوط، وكل خادم للنار السرية سيحترق بنارها عاجلًا أو آجلًا. وسيبقى الشعب الفلسطيني، رغم الجراح، شاهدًا على أن الدم لا يضيع سدى، وأن الحقوق لا تموت، وأن فجر الحرية آت لا محالة، ليطوي صفحة الطغيان، وليكتب النهاية لكل من سار على درب نتنياهو.