الدين يزرع في القلوب بالحب لا بالقهر

بقلم الاستاذة : سيدة حسن 

الله أقرب لينا من نبضنا لكن بعضنا فقد البوصلة وسط أصوات كتير بتتكلم باسم الدين وتنسى روح الدين. الدين مش خوف بقدر ما هو حب، ومش قيود بقدر ما هو طريق حرية. المشكلة مش في الطريق، المشكلة في اللي بيرسموهولنا من غير ما يذوقوا حلاوته… شباب كتير عطشانين للمعرفة لكنهم بيلاقوا التشدد بدل الرحمة، فيضيع منهم الطريق.

فين المشكلة؟
المشكلة مش في الدين نفسه الدين نقي وبسيط وجميل، المشكلة في طريقة تقديمه .لما بنختزل التدين في المظاهر والشكليات وننسى الرحمة والمعاملة الحسنة، بنبعد الناس بدل ما نقربهم.لما بنحول الدين لسلسلة أوامر ونواهي بدون فهم ولا روح، بنخلق جيل حاسس إنه محاصر ومخنوق، جيل بيهرب بدل ما يقترب.

الشباب النهارده محتاج حد يسمعه، محتاج كلمة حقيقية تطمن قلبه مش تحكم عليه. ربنا قال:دْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ ” (النحل: 125)

لكن للأسف في ناس حولوا الحكمة لقسوة، والموعظة لتحكم، والجدال لصدام
شباب كتير بدأ رحلته في البحث عن ربنا بصدق لكنه اصطدم بكم من الأحكام والتشدد والتخويف خلاه يتراجع خطوة ورا التانية وفيه كمان شباب وده الأخطر  بيوصلوا لمرحلة الشك بل وأحيانًا البعد الكامل عن الدين مش لأنهم كارهين ربنا بالعكس أغلبهم بيدور عليه، لكنهم مش لاقيين حد ياخد بإيديهم بحب.

الرسول ﷺ كان أحن وألطف إنسان في دعوته، حتى مع المخطئ، حتى مع اللي جِه يعارضه.قال تعالى:“فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ” (آل عمران: 159)يعني الرحمة كانت السر في دخول القلوب، أما التشدد فدايمًا بيفرّق بدل ما يجمع.

التدين الحق حب لا خوف
التدين مش سجن ولا قيود التدين حياة سلام داخلي، حب لله وخوف منه لكن خوف المحبة مش خوف العقاب.لما نحبب الشباب في ربنا بدل ما نخوفهم منه، هنرجع نفتح القلوب على النور من تاني.ولما نقدم الدين بصورته الحقيقية دين رحمة وبساطة وطمأنينة هنلاقي القلوب راجعة من غير ضغط ولا قهر.الناس بطبعها بتحب الجمال، وربنا سبحانه وتعالى هو مصدر كل جمال.بدل ما نبدأ معاهم بكلمة “حرام” و”عيب” و”غضب”، نبدأ نحكي عن صفات الله الجميلة:

الرحيم” اللي رحمته سبقت غضبه ❤️

اللطيف” اللي بيدبر أمورنا حتى لو إحنا مش واخدين بالنا 🌿

الستير” اللي بيستر عيوبنا قدام نفسنا وقدام الناس

الغفور” اللي بيقبل أي حد راجع ليه مهما عمل.

القلوب لما تتعلق بصفاته الجميلة، تبدأ تحبّه من غير ما نحس الإمام علي رضي الله عنه قال:“لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرًا”والتدين الحر هو ده تدين حب ووعي مش تدين خوف واستسلام.

الخاتمة:
إحنا محتاجين نراجع طريقة خطابنا الديني ونفتكر إن ربنا أمرنا باللين والحكمة قبل الشدة، وإن قلوب الشباب مش هترجع لربنا إلا لما نمد لهم إيدينا بحب ونحتويهم برحمة.الدين مش مفروض بالقوة الدين بيُزرع في القلوب بالحب. فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ” (الغاشية: 21-22)لو عرفنا ده كويس، هنقدر نعيد الثقة المفقودة بين الشباب والدين، ونرد القلوب لربها قبل ما يسبقنا الوقت