حاجة المسلمين للإحتفال بميلاد سيد المرسلين

بقلم الدكتور: أحمد بدوى مازن مدرس الحديث الشريف وعلومه بجامعة الأزهر الشريف 

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمى مِن أن يُقيمه بشر مثله، ولكن الله تعالى هو الذي يعرف قدره، فهو الذي خلقه واصطفاه (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)،

والعالَم مِن أَزله إلى أَبده، والإنسانية منذ أن خُلقت إلى أن تفنى لم يوجد بها إنسان أحسن عبادة الله عز وجل والتذلل بين يديه كرسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقد جمع الله تعالى فيه كل خُلق حسن، وكل ما تفرد به نبي من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم من جميل الصفات مجموع فيه صلوات الله وسلامه عليه فهو مرآة الكمال البشري (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)

لذلك جعله الله عز وجل قدوة للمؤمنين، وأمرنا أن نتخلق بأخلاقه صلى الله عليه وسلم، وأن نقتفى أثره في أقواله وأفعاله وهديه وسمته وعبادته ومعاملاته فقال تعالى(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) وقال تعالى(وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)

ولا بد أن نعلم أن المؤمن لا يرتقي في مقامات القرب من الله، ولا يعلو قدره عند مولاه إلا إذا تجمل ظاهرًا وباطنًا بأخلاق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يُحَكِّم شرعه وسنته صلى الله عليه وسلم في جميع أمور حياته (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)

وما أحوج المسلمين إلى الاحتفال بميلاد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة في هذا العصر الذي ضعفت فيه الهوية والثقافة الإسلامية عند كثير من الناس، وفي زمان اتخذ فيه بعض الشباب قادة الانحراف والفساد والانحلال الخُلقي قدوة لهم ومثلًا أعلى في حياتهم.

والاجتماع على الاحتفال بذكرى ميلاد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المساجد والمحافل يُذكِّر الناس ويُعرفهم بنبيهم صلى الله عليه وسلم، يجتمع فيه المسلمون والمحبون لينهلوا من معين سنته صلى الله عليه وسلم، ويتدارسون فيه سيرته الزكية، ويتخذوا منها دروسًا وعبرًا وزادًا للدنيا والآخرة، كما قال تعالى (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ).

إنَّ هذه الاحتفالات تغرس في قلوب المسلمين محبة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وتُعرفهم بقدره ومكانته صلى الله عليه وسلم عند ربه، فالحب العقلاني وحده لا يكفى ولا يُجدي، وإنما لابد أن تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حبًا قلبيًا ليكمل إيمانك كما قال صلى الله عليه وسلم (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ، وَوَلَدِهِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).