يعتبر جلد الانسان إهاباً يلف جسمه ويحمي خلاياه وأنسجته وأعضاءه الداخلية، ويعطى لكل فرد منا شكله ولونه وبالإضافة إلى ذلك يقوم جلد الانسان بالعديد من الوظائف الحيوية المهمة منها:
الحس واللمس
وتكوين فيتامين د من أشعة الشمس
وتنظيم درجة حرارة ونسبة رطوبة الجسم
وحمايته من الضغوط والمخاطر الخارجية من مثل الصدمات والكدمات والملوثات ومسببات الأمراض وتقلبات الجو والأشعات الضارة القادمة من الشمس أو من غيرها من المصادر خاصة الأشعة فوق البنفسجية وهي أشعة غير مرئية وضارة بالجسم.
من أجل هذه الوظائف المهمة أعطى الله عز وجل لجسم الانسان قدرات هائلة على سرعة الإلتئام ذاتياً، ومن أجل ذلك أيضاً يعتبره كثير من الأطباء جهازاً قائماً بذاته يعرف باسم الجهاز الجلدي .
لذلك إذا دمر جلد الإنسان عن طريق الحرق الكامل أو الجروح العامة الواسعة الانتشار في الجسم فإن ذلك قد يؤدى إلى الوفاة وجلد الانسان لا يتعدى سمكة مليمترا واحد إلى خمسة مليمترات، ويتكون من طبقتين أساسيتين كما يلي:
1 ـ البشرة THE EPIDERMIS :
وهي طبقة الجلد العليا الخارجية وهى طبقة رقيقة جداً، عازلة للماء ومكونة أساساً من الخلايا القرنية التي تشكل ٩٠ منها وهي خلايا كاروتينية تنتج أليافاً بروتينية من مادة الكيراتين الحامية للجلد، وتحتوى البشرة أيضا على الخلايا الصبغية التي تنتج صبغة الميلانين Melanin فتعطي للجلد لونه وتحميه من الأشعة فوق البنفسجية الضارة وذلك بتدميرها وامتصاص ما بقى منها.
ـ وتتجدد البشرة تلقائياً مرة كل شهر تقريباً وذلك بتورق خلاياها السفلى وتساقطها بطريقة مستمرة.
ويفقد كل فرد منا ما بين ثلاثين ألفاً إلى أربعين ألف خلية من خلايا البشرة في كل دقيقة وحوالى تسعة أرطال من خلايا الجلد في كل سنة.
وتتغذى البشرة عن طريق الراقات العليا من طبقة الأدمة التي توجد أسفل منها والمعروفة باسم الأدمة المحببة، وذلك لأن البشرة لا يوجد بها أية أوعية دموية على الإطلاق وإن وجدت بها بعض النهايات العصبية وجسيمات الحس ومستقبلات اللمس فى البشرة والتي تعين على التمييز بين الأجسام والأنسجة المختلفة.
ويمكن لمستقبلات اللمس في البشرة من إدراك منخفضات لا يزيد عمقها على (۰.۰۱) من المليمتر وإدراك أوزان لا تزيد كتلتها عن أربعة مليجرامات (٠.٠٠٤جم) وهذا مما يعين مكفوفي البصر على القراءة بواسطة طريقة (برايل) وعلى الرؤية بواسطة أطراف أناملهم.
2 ـ الأدمة The Dermis :
وهي طبقة تحت البشرة مباشرة، سميكة نسبياً وتتكون من حزم من الأنسجة الضامة والألياف المكونة من مادة الكولاجين CollagenFiberils وأعداد من الخيوط المرنة وتنتشر فى الأدمة الأوعية الدموية والليمفاوية والنهايات العصبية وجسيمات الحس بالإضافة إلى :
ـ الغدد العرقية Sweat Glands .
ـ والغدد الدهنية.
ـ والغدد الزيتية.
ـ وبصيلات الشعر
ـ وعضلاته وغيرها من ملحقات الجلد.
وتنقسم الأدمة إلى قسم رقيق علوى محبب يعرف باسم الأدمة الحبيبية وقسم سميك سفلى شبكي يعرف باسم الأدمة الشبكية، وتتكون من حزم ألياف الكولاجين المتقاطعة مع بعضها البعض بزوايا مختلفة تعين الجلد على التمدد دون تعرضه للتمزق، وفى فتحات هذه الطبقة الشبكية يختزن قدر من الماء المذاب فيه نسب مختلفة من أيونات العناصر الإليكتروليتات.
وأغلب هذا الماء مستمد من الدم ويوجد على هيئة غير حرة ويتحرك كل من الدم والليمف بالأدمة في نظام معلق من الأوعية الدموية والليمفاوية المرنة والدقيقة جداً وشبه المنفذة، التي تتبادل مع خلاياها الأكسجين فى مقابل ثاني أكسيد الكربون والمواد الغذائية في مقابل نفايات الخلايا، وذلك في شبكتين أفقيتين من تلك الأوعية ترتبطان بعدد من الأوعية الرأسية.
ويبلغ طول شبكة الأوعية الدموية في جلد فرد واحد من الأفراد البالغين حوالى ٢٤٠ كم بينما يصل طولها في كامل جسمه إلى حوالي ١٤٤٠ كم.
وتتماسك الأدمة مع البشرة بواسطة نسيج رابط يعرف باسم الغشاء الاساسي الرابط ليكونا معاً ذلك الإهاب الواقي المعروف باسم الجلد، والذى يعلو طبقة من الألياف البروتينية والدهون الحاوية الأعداد من الغدد والمستقبلات الحسية تعرف باسم طبقة ما تحت الجلد والأوعية الدموية في الأدمة الخارجية تلعب دوراً مهما في تنظيم درجة حرارة الجسم فينتظم ضغط دمه وذلك بالانكماش في الأجواء الباردة وبالتمدد في الأجواء الحارة كما يتم تنظيم درجة حرارة جسم الإنسان كذلك عن طريق بخر العرق.
ـ كيف يحس جلد الإنسان ويشعر بالألم ؟
يعتمد إحساس الإنسان بالوسط الخارجي على عدد من الوسائط أهمها وأولها الجلد وما ينتشر به من نهايات عصبية تتصل بمراكز خاصة في المخ، فالجلد تنتشر به شبكة مكثفة من الأعصاب والخيوط، والنهايات العصبية المتشعبة بدقة بالغة في مختلف أجزاء الأدمة وتستمر إلى حد ما في البشرة، وهذه الأعصاب والخيوط ونهاياتها تنقل إلى كل من:
ـ الحبل الشوكي.
ـ وجزع المخ
ـ وقشرته كل مسببات الألم من الضغوط والاهتزازات والالتهابات والاحتكاكات والتباين في درجات الحرارة .. وغيرها من المستقبلات الحسية تنتشر بكثافة على الجلد وتتركز في أجزاء خاصة منه.
وقد ثبت بالدراسة أن السنتيمتر المربع الواحد من الجلد يحوى مستقبلين للحرارة واثنى عشر مستقبلاً للبرودة، وخمسين مستقبلاً للضغط، ومائتي مستقبل للألم، فإذا زادت درجة الحرارة على ٤٥ درجة مئوية فإن مستقبلات الحرارة تتحول إلى مستقبلات للألم بدلا من الشعور بالدفء وبذلك يتضاعف الألم مع الاحتراق أضعافاً كثيرة.
وومضة الإعجاز في الآية الكريمة حين يقول ربنا تبارك وتعالى في محكم كتابه قال تعالى: ” إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِايَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْناهم جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ” النساء: ٥٦ .
وهذه الآية الكريمة تؤكد أن إحساس الإنسان بالألم يتركز في الجلد وأنه إذا انتزع الجلد فقد الإنسان الإحساس بالألم والآية الكريمة التي نحن بصددها تعتبر سبقاً لجميع المعارف المكتسبة بأكثر من أربعة عشر قرناً والتي تؤكد وجود ملايين المستقبلات الحسية الموزعة في جلد الانسان والمتمركزة فى بعض أجزائه مثل الشفاه والأنامل وبعضها مخصص للمس، والضغط، الألم والحرارة ولا يمكن لعاقل أن يتخيل مصدراً لهذا الحق والإعجاز الذي جاء فيها غير الله الخالق.