الجروح الخفيه وتأثيرها على نفسيه الطفل

بقلم : إيمان السعيد
( كبير مقدمى البرامج بالهيئة الوطنية للإعلام )

الأسرة هى المحور الرئيسى لبداية تكوين الحالة النفسية للطفل، إما بالإيجاب أو السلب، فالتربية السوية تؤدى الى الاستقرار النفسى والعاطفى لدى الطفل، وعندما يحدث خلل ما فى التربية، فإن ذلك يؤثر على النمو العاطفى للطفل، حيث أن هناك ارتباط وثيق بين الإهمال النفسى والإهمال التربوى للطفل، فالنمو العاطفى السوى للطفل يشكل منه شخصية متزنة مستقرة، ومن ثم يبعد عن القيم السيئة، مثل الكذب والغش والسرقة والعنف وغيرها.

وهناك فرق بين الاساءة العاطفية والإهمال العاطفي، فالإساءة تكون مقصودة، فهى اختيار محدد للتعامل بشكل ضار ومسىء.

أما الإهمال العاطفى، فهو عدم فهم احتياجات الطفل، ويكون غير متعمد، ويرتكبه الآباء والأمهات بحسن نية، ويحدث الإهمال العاطفي عندما يحتاج الطفل للحنان والحب، ولايستطيع الوالدان منح الطفل هذه المشاعر.

اما الجهل أو قلة المعرفة والخبرة أو عدم الاهتمام بالطفل أو التخيل بأن ليس لديه مشاعر، وبالتالى فإهمال هذه الاحتياجات ينتج عنه طفل مشوه نفسيا وعاطفيا واجتماعيا.

وهناك سمات شخصية للاباء التى تسبب الإهمال العاطفى للطفل

– آباء مستبدون: وهؤلاء يريدون دائما من الطفل اتباع القواعد وليس لديهم الوقت الكافى للجلوس والاستماع للطفل وإتاحه الفرصه له للتعبير عن مشاعره واحتياجاته، وهذا ينشء طفلا إما خاضعا تمام الخضوع، او طفلا متمردا.

– آباء متساهلون: هذا النوع من الآباء يتركون للطفل قيادة حياته منذ الصغر ، بدعوى الاعتماد على النفس وتحمل المسئولية.

آباء نرجسيون: وفي هذا النوع من الآباء لا يجد الطفل مكانا لنفسه تحت ظل هذه الشخصية التى لاترى إلا ذاتها.

– آباء مثاليون: وهذا النوع من الآباء يريدون ان يكون الطفل مثاليا.

– آباء غائبون: ويتعلق الأمر بغياب أحد الوالدين إما بالوفاة أو الطلاق، وهنا يقوم الطفل بتربيه نفسه.

وأشارت العديد من الدراسات النفسية أن الأهل تتعامل مع الطفل بعدد من الأنماط التى تؤدى فى النهاية إلى الإهمال العاطفى وهذه الانماط هي:

* العزل: فعزل الطفل عن التجارب الحياتية الطبيعية يحرمه من تكوين علاقات وصداقات خوفا عليه، فيؤدي ذلك به إلى الاكتئاب، ويكون شخصا غير اجتماعى ودائما يشعر بالقلق والتوتر وعدم الثقه بالنفس، مما يؤثر على النمو العاطفي والمعرفي لدى الطفل.

* الرفض: فرفض الطفل خاصة إذا كانت أنثى أو طفل لا يتمتع بملامح جميلة أو متأخر دراسيا، فهذا يشوه الصورة الذاتية للطفل ويشعره بالدونية، مما ينعكس على شخصيته فى المستقبل.

* التحقير: التقليل دائما من شأن الطفل ونعته بألفاظ سيئة مثل أنت غبي، أنت فاشل، كل هذا يؤدى لرؤية الطفل لذاته بشكل سلبى، مما يعطل احساسه الذاتي بامكاناته وطاقاته، وبالتالى لايستطيع النجاح فى أى مهمة تسند إليه.

* اختلال السيطرة: وهى تأخذ أشكالاً عدة، إما مفقودة أو مفرطة أو غير متوازنة.

فالسيطرة المفقودة كأن تترك الطفل هو الذى بيده القرار، فيقرر ماذا ياكل، ماذا يرتدى، ماذا يشاهد دون التدخل فى اللحظات المناسبة، فهذا يعرض الطفل لإيذاء نفسه ويحرمه من الاستفادة من خبرة الكبار.

* السيطرة المفرطة: وهى عدم ترك مساحة للطفل لممارسة الهوايات والسيطرة على كل حركاته، الصغيرة قبل الكبيرة، وهذا يحرم الطفل من تأكيد ذاته وتنميتها، وبالتالى ينعكس ذلك على النمو العاطفي للطفل.

* السيطرة غير المتوازنة: وهى تعامل الطفل بآراء وأفكار متذبذبة، حيث يتحمس الأهل لموضوع ما، ثم يفتر الحماس أو تكون المواقف متباينة، بين الموافقة والرفض، فيقع الطفل فى حيرة مما يسبب له القلق والتوتر.

* المعاملة اللينة: وتتسم بتلبية احتياجات الطفل دون التفكير في النتائج المترتبة على ذلك، فهذا الافراط فى التدليل يغرس فى الطفل عدم جدية العمل، وبذل الجهد، وبالتالى ينعكس عليه فى المستقبل، وتجعله غير قادر على تحمل المسئولية.

* الإهمال: يتعرض عدد كبير من الأطفال للإهمال وسوء المعاملة، الذى يعبر عن فشل الأهل فى توفير الرعاية المناسبة لعمر الطفل من مأكل وملبس وغيرها من الاحتياجات الاساسية، لتنمية القدرات الجسدية والعقلية، وهذا يتمثل فى الإهمال الجسدى والإهمال التربوي.

يعاني الأطفال الذين يتعرضون للإهمال العاطفي للعديد من الأعراض منها:

العدوانية المفرطة والسلوك المخرب.

ظهور مشاكل فى النوم والكلام .

عدم الاندماج فى الأنشطة الرياضية.

عدم القدرة على تكوين صداقات.

الخجل والسلبية والحساسية المفرطة.

عدم القدرة على اظهار المشاعر.

الشعور بالفراغ والوحدة من الداخل وعدم احترام الذات.

الشعور بالاحباط

فإهمال الطفل عاطفيا فى البيت سيجعله يتعلق بكل ما يمنحه الحنان والحب، وهنا يكمن الخطر، فقد يتلقى الطفل أسلوب حياته ومفاهيمه ومعتقداته من أشخاص آخرين غير الوالدين. ومحتمل أن يكون بعيدا عن معتقدات ومفاهيم الأسرة والمجتمع الذى يعيش فيه، وهنا بداية الانهيار للطفل، حيث إن الإهمال العاطفى يؤثر فى سلوكيات الطفل ويظهر بوضوح فى مرحلة المراهقة.

وهنا نطرح تساؤلات مهما كيف نعالج اونتفادي هذا الإهمال العاطفي الذي يتسبب في جروح خفيه في نفسيه ووعي الطفل؟

الإجابه في الحب والحنان المقدمان من داخل الأسرة من الأم والأب، وأن يتم المزج بين العقل والعاطفة، والاعتماد على أسلوب التوجيه والارشاد؛ لان الطفل الذى يتوفر له القسط الأكبر من الرعاية والحنان يكون أكثر قدرة عل الاتزان والانسجام فى المجتمع.

تقربي لطفلك وتعرفي على مشاعره الايجابية والسلبية، واحرصى على أن يكون بينك وبين الطفل حوار متبادل.

وأخيرا، كونوا مستمعين جيدين لأطفالكم دون استخفاف بما يقولون، مع منهم الثقه والأمان والحب