بيوت تُعيد للأرض توازنها
6 ديسمبر، 2025
بناء الأسرة والمجتمع

سلسلة : بيوت على نور (14)
بقلم د إبتسام عمر عبدالرازق
لم يكن تغيّر المناخ مجرّد خبر عابر، أو نشرة طقس تُعلن عن ارتفاع درجات الحرارة…
إنه جرس تنبيه من الله: أن الإنسان حين ينسى دوره، ترتجف الأرض من تحته.
فالكون كلّه خلقه الله على ميزان محكم: ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾ ميزان في الهواء، والماء، والطقس، والنبات، ودورة الحياة, وحين يختل هذا الميزان، يتساءل المؤمن: ما الذي اختلّ في نفوس البشر قبل أن يختلّ في مناخ الأرض؟
التغيّرات المناخية… ليست ظاهرة كونية فقط، بل مرآة روحية
العلم يقول : ازدياد الانبعاثات — احتباس حراري — جفاف — فيضانات — كوارث طبيعية. لكن القرآن يقول شيئًا أعمق: أن فساد الكون يبدأ بفساد الأخلاق: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ كأن الله يخبرنا أن الأرض تتألم… وأنها تشهد على إسراف البشر، وجشعهم، وغفلتهم عن نعمه. التغير المناخي ليس “مشكلة بيئة” فقط، بل نتيجة نفسٍ أسرفت… ولم تشكر… ولم تُحسن.
في الإسلام، الإنسان ليس مستهلكًا للكون؛ بل هو خليفة، و”الخلافة” مسؤولية لا رفاهية. النبي ﷺ لم يقل “اغرسوا الشجر لأنها تلطّف الجو” بل قال: “وما من عبد يغرس غرسًا… إلا كان له صدقة” ربط الزرع بالصدقة… ليُعيد الإنسان إلى معنى العبادة في العمل.
حتى الماء… الذي يُعتبر أول المتأثرين بالمناخ جعله النبي ﷺ اختبارًا للأمانة:
“لا تُسرف ولو كنت على نهر جارٍ” هذه ليست جملة بيئية… بل تربية قلب يعرف قيمة النعمة, الأسرة في هذا العصر… ليست بيتًا فقط، بل جبهة من جبهات الإصلاح
في مواجهة أزمة المناخ… لا نحتاج شعارات دولية بقدر ما نحتاج قلوبًا واعية داخل البيوت.
لأن: من يهدر الماء في الوضوء ,من يرمي القمامة من النافذة, من يترك الأجهزة تعمل بلا حاجة, من يعلّم طفله أن “الشارع مش بتاعنا” كل هؤلاء لا يحتاجون قوانين… يحتاجون بيوتًا تربّي الضمير.
وهنا يأتي دور بيوت على نور: أن تُعيد تشكيل علاقة الإنسان بالأرض… لا بوصفها وطنًا فقط، بل أمانةً لله.