حين تهمس الروح… كلماتٌ تمس القلب


بقلم الدكتورة : حنان محمد
( واعظة بوزارة الأوقاف المصرية )

في زحام الدنيا، وتقلّب الأيام، يظلّ للقلب لحظاتٌ يحنّ فيها إلى شيء لا يفسّره الكلام…

إلى سَكينةٍ يعرفها منذ خُلق، وطمأنينةٍ لا يجدها إلا في القرب من الله.

فالروح، مهما ازدحمت حولها الأصوات، لا تشعر بالأمان إلا حين تسمع نداء ربّها:

“ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب.”

ما أعذب تلك اللحظات التي يجلس فيها الإنسان مع نفسه، يراجع طريقه، ويستحي من تقصيره، ثم يبتسم…

لأنه يعلم أن له ربًّا يفتح له باب الرجوع في كل وقت.
ربٌّ لا يغلق بابه، ولا يردّ تائبًا، ولا يخذل عبدًا وقف على بابه خاشعًا.

يا نفس… عودي إلى الله

يا نفس، إن كنتِ أثقلتِ بالذنوب، فبابُ التوبة ما زال مفتوحًا.
وإن كنتِ خِفتِ من المستقبل، فالله بيده الغد.

وإن ضاقت عليكِ الهموم، فربّك لطيفٌ بعباده، يفتح من الضيق أوسع فرج.

يا نفس، تذكّري أن السجدة التي تبكين فيها، هي أجمل لحظة تُعاد فيها صياغة حياتك.

وأن آيةً تُتلى بقلبٍ حاضر، قد تغيّر مصيرك كله.
وأن الله قريب… أقرب مما تظنين، يسمع همسك، ويميّز دمعتك، ويعلم ضعفك.

لحظات تشبه النور

ما أجمل أن تستيقظ على نيةٍ صادقة:

أن تُرضي الله، أن تُسامح، أن تُصلح ما انكسر منك، وما انكسر فيك.

أن تترك شيئًا لله، فيعوّضك الله خيرًا منه.

أن تردد صباحًا:
“اللهم اجعل هذا اليوم شاهدًا لنا لا علينا.”

يا رب، إن كانت قلوبنا قد تاهت في دروب الدنيا…
فاهدها إليك.
وإن كانت جباهنا قصّرت في السجود…
فاجذبها إلى بابك.
واجعل بيننا وبين المعاصي حاجزًا من نور، واجعلنا ممن إذا ذُكرتَ خافوا، وإذا وُعدوا رجوا، وإذا ابتُليوا صبروا.

الختام :

إن الطريق إلى الله ليس عسيرًا، لكنه يحتاج قلبًا يصدق، ونيةً تُشرق، وخطوةً تُؤخذ بثقة.

ووالله… ما تذوق روحُ الإنسان معنى الطمأنينة إلا حين تترك نفسها بين يدي الله، وترضى بما اختاره لها.

اسأل الله لكِ سعادةً تمتد، ورقةً في القلب لا تزول، ونورًا يرافقكِ في كل خطوة.

اللهم اجعل قلوبنا عامرة بذكرك، ونفوسنا مطمئنة بقربك، وأيامنا شاهدةً علينا بالإيمان والعمل الصالح.