ضع بصمتك 

بقلم الأستاذ : حامد عم

تأملوا الرجال والنساء الذين كانت لهم بصمات في هذه الدنيا فبقي أثرهم الى
ساعتنا هذه وسيستمر الى أن يرث الله الارض ومن عليها وصدق القائل
مات قوم وما ماتت مكارمهموعاش قوم وهم في الناس أمواتُ.

وفي مقدمة هؤلاء بعد الرسل والأنبياء، الخليفة الأكبر صديق الأمة أبو بكر الصديق أول من أسلم من الرجال رضي الله عنه وأرضاه، وجاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه وماله بل جاء بماله كله وأنفقه في سبيل الله.

ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إرتجفت القلوب وعظم الخطب وارتدت قبائل من العرب عن الإسلام وامتنع قوم عن أداء الزكاة ولم يبق للجمعة مكان سوى مكة والمدينة والطائف وبعض القبائل.

فقام رضي الله عنه ووقف وقفة كبيرة ووضع بصمة عظمى لهذا الدين وقال والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه. فراجعه عمر فقال هيهات هيهات يا عمر لقد مات رسول الله والدين كامل أينقص وأنا حي أينقص وأنا حي،والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة وقال لأقاتلنهم ما استمسك السيف في يدي واستمر بشجاعته وقوته حتى عاد للمسلمين عزهم وعاد للخلافة هيبتها ومكانتها.

أينقص الدين وأنا حي، ما زالت هذه العبارة بصمة وشعارا لرجال الإسلام يستنهضون بها الهمم ويذودون بها عن حياض الإسلام فكانت بصمة وشعارا للامام المبجل أحمد ابن حنبل رحمه الله.

قال الحافظ علي ابن المديني إن الله عز وجل أعز هذا الدين برجلين بأبي بكر يوم الردة وبأحمد يوم المحنة أينقص الدين وأنا حي،كانت بصمة وشعارا لصلاح الدين الأيوبي يوم خرج لجهاد الصليبيين وإعادة الأقصى وفلسطين الى حياض المسلمين.

كانت بصمة وشعارا لسيف الدين قَتطزْ يوم أن خذل الإسلام أُمراء الذل والعار، وتخلفوا عن جهاد التتار، فقام رضي الله عنه ووضع بصماته لهذا الدين حتى رد الله كيد الفجار وحفظ الله الإسلام :

وليكن حالك كحال الكليم موسى *{ فَسَقَى لَهُمَا ثُم تَوَلى إِلى اْلظِل فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير}*أو ليكن حالك كحال مؤمن آل ياسين حين ما جاء يسعى ويجري لينذر قومه ويحذرهم من النار ويدعوهم إلى الجنة *{وجاء من اقصى المدينة رجل يسعى قال يا قومي اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون}*

وهذا نبي الله يوسف الكريم بن الكريم يضع بصمته لهذا الدين وهو في غياهيب السجن وهو في ثقل القيد فيحول السجن إلى مدرسة للتوحيد وإلى دعوة إلى الله العزيز الحميد.

وهكذا هم الرجال يضعون بصمات لهذا الدين أبو هريرة رضي الله عنه الصحابي الجليل الذي يعود نسبه من هذه البلدة لا ينتقل إلى ربه إلا وقد خلف بصمة كبرى وترك لهذه الأمة أكثر من خمسة ألآلاف حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهكذا هم الأعلام من الرجال والنساء. السيدة خديجة رضي الله عنها تضع بصمة كبرى لهذا الدين ولو لم يكن من بصماتها إلا إنها هي التي مولت الحركة الإسلامية في بداية الدعوة ولا يخفى على الكثير منكم ما قدمته أُم عُمارة وما قدمته أم سلمة وما قدمته السيده خديجة وما قدمته السيده صفية وما قدمته السيده فاطمة، لهذا الإسلام .

فيا عبد الله اترك أثراً لهذا الدين في أي بلدة كنت وتحت أي سماء لا يُشترط أن تكون بصمتُك في بلدتك أو في قريتك أو في محافظتك وإنما اترك بصمة للدين في أي أرض نزلت وفي أي مكان حللت انظروا إلى عبدالرحمن الداخل الذي كان يلقب بصقر قريش لما خرج من الشام طريدا وهو هارب كان ينظر إلى الشام ويبكي يمشي خطوات وينظر إليها ثم ينفجر بالبكاء ثم قال قصيدة قال في مقدمتها :

قِفَا وَدِعا شاماً ومن حل بالحِما
وما كان لشامٍ عندنا يوماً أن يُودعا.

فقال له أصحابه يا إمام إن الاندلس يقال شبهها فقال رحمه الله وليس الشبه كالاصل ولكننا نحمل الشام معنا نحمل الشام معنا فإن لم تكن معنا نكن نحن فيها ثم انطلق إلى الاندلس وأسس خلافة كبيرة وعظيمة استمرت ردحاً من الزمن وهكذا هم العظماء يضعون بصمتهم في كل زمان ومكان.

أقول سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ضع بصمتك في هذا الدين، قبل الرحيل واترك أثراً يعود عليك بالنفع قبل أن تنتقل إلى ربك، فوالله لا ينفعك إلا ما قدمته من الأعمال الصالحة لا ينفعك إلا ما قدمته من الأعمال الصالحة، وهذا الإسلام دين عظيم يَذْكُر كل من قدم له، والله عز وجل يأجر كل من خدم هذا الدين ولو كانت هذه الخدمة قليلة.

تأملوا رحمكم الله في حال المرأة السوداء التي كانت تَقُومُّ مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ها هو ذكرها الحسن إلى ساعتنا هذه وسيستمر إلى قيام الساعة.

كلما ذكرت ترضى الناس عليها وترحم عليها رضي الله عنها وأرضاها،

تأملوا رحمكم الله في حال الهدهد السليماني الذي خدم هذا الدين وجاء بأمة وأدخلها في دين الله عز وجل، وتأملوا رحمكم الله في حال النملة حينما أحيت قومها وحذرتهم من الهلاك والدمار خلد الله ذكرها في القرآن{ قالَت نَملَةٌ يا أَيُّهَا النَّملُ ادخُلوا مَساكِنَكُم لا يَحطِمَنَّكُم سُلَيمانُ وَجُنودُهُ وَهُم لا يَشعُرونَ﴾* [27:18] – النمل.

فيا أيها القارئ الكريم ضع بصمتك في هذه الدنيا قبل أن تنتقل واعلم أنه يوجد بداخلك عملاق كبير ومواهب كبيرة تحتاج منك إلى تحريك حتى تزرع البصمات وحتى تضع المواهب وحتى تترك الأثر بعد موتك.

أيها التاجر يا من أنعم الله عليك بالتجارة ويا من أنعم الله عليك بالمال وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم المال الصالح في يد الرجل الصالح فلا يكون المال صالحا ولا يكون صاحبه صالحا إلا اذا انفق هنا وهنا

اللهم أعز الاسلام والمسلمين وانصر الاسلام والمسلمين ودمر اعدائك اعداء الدين واخيرا ضع بصمتك