من اسقط الخلافة ؟ الجزء الثانى
31 أغسطس، 2025
الماسونية والجمعيات الصهيونية

بقلم الدكتور / احمد عبد الرحيم
الباحث فى التاريخ الاسلامى
المقال العشرون من سلسلة ( زمن الدجال )
نتناول فى هذه المقالات داخل تلك السلسلة الدور الذى لعبه الوهابيين فى اضعاف الدولة العثمانية ومحاولات الوهابيين انهاء الوجود العثمانى فى شبه الجزيرة العربية وفى الحجاز ، وكيف كان الوهابيين كحصان رهان لدى الماسون فى ضرب الخلافة العثمانية ومحاولة القضاء عليها.
ذكرنا فى المقال السابق عدد كبير من بعض ما قام السلفيون فى شبه الجزيرة العربية من غزو لبلادها واغارات على سكانها المسلمين وسلب ونهب وليس فى شبه الجزيرة العربية فقط بل تعدى ذلك الى العراق ومدنه وقراه بل والشام أيضاً وكيف انهم وصلوا الى حلب الشهباء واعلموا القتل والسلب والنهب وقطع الطريق شأنهم شأن سلفهم فى حروراء وكيف كانوا يقطعون السبيل ويخيفون السابلة.
لم يكن ذلك بهدف الغزو فقط بل كان السبب المباشر الذى يعلمه قادته وكلفهم به اوليائهم البريطانيين هو مهاجمة مناطق نفوذ الخلافة العثمانية وتأليب المواطنين عليها بعد الحكم على دولة الخلافة بالكفر والشرك.
مما سبق يتضح كيف كان الوهابية خنجراً مسلطاً فى خصر خلافة المسلمين الخلافة العثمانية التى انعقد لها البيعة فى اعناق جميع المسلمين وكان على كل مسلم السمع والطاعة ، غير انهم ـ وهم الذين يقبلون من ولى امرهم بيع فلسطين لليهود بحجة ان طاعته من طاعة الله ولا يجوز الخروج عليه او عدم طاعته بحال من الاحوال ـ فهم لا يرون ان الخلافة العثمانية او مواطنوها من المسلمين اهل اسلام او موادعة بل ارضهم ارض حرب فهم مرتدون عن الاسلام وطبقاً لمذهبهم ان كفر المسلم المرتد أشد من كفر الكافر حتى ولو كان مقاتلاً!
هذه فتوى محمد بن عبد الوهاب التى حشد بها الجهلاء من اعراب نجد ذوى الاعراف الجاهلية فى الغزو والسلب والنهب وصفهم فى جيوش الوهابيين لتمزيق المسلمين شر ممزق.
لقد فعلها من خطط لها عندما فكر وقدر فقتل كيف قدر ، لقد نظر وتروى ثم نظر وتروى ، كيف فشلت جميع الحملات الصليبية على مصر وارض الشام وكان المسلمين متفرقين ورغماً عن ذلك فشلت جميع تلك الحملات والغزوات ، حتى ان تلك الحملات لم تترك المسلمين على ما هم فيه من الضعف ، لقد كانت تلك الحملات الصليبية سبباً فى اتحاد المسلمين وقوتهم واصطفافهم صفاً واحداً خلف حكامهم واصطفاف الحكام والمحكومين خلف علمائهم ، بل واصطفاف الجميع علماءً وحكاماً ومحكومين خلف الاولياء المجددين أمثال العز بن عبد السلام وأمثال سيدى ابو الحسن الشاذلى وسيدى احمد البدوى وسيدى ابراهيم الدسوقى وغيرهم من العلماء العاملين العارفين.
من وجهة نظر الناقد لقد فكر من احيى هذا الفكر الوهابى فقد اختار مذهب الخوارج من بين المذاهب الاسلامية وهو المذهب المنبوذ من بينها يبغضها الحاكم والمحكوم بل يبغضها المسلم والذمى ، فهو مذهب يبغضه اى عاقل بوجه العموم.
لم يكتفى هذا المجهول الذى خطط هذا التخطيط المكير باحياء فكر الخوارج فانه مذهب لا يلبث ان يظهر حتى ينهار ولا تقوم له دولة اكثر من بضعة سنوات وفى نفس الوقت فانه لا وجه للاستفادة من ذلك الفكر المتسامح مع الكفار وغير المسلمين بوجه العمومى ما لم يكن هناك سبل للتنسيق والخيانة والولاء لاربابه من الماسون.
لذلك ظهرت الوهابية وانك أيها القارئ لو قرأت وأنصفت لرأيت العجائب فى امر هؤلاء الوهابية انصار الدجال
لقد فكر من فكر فى أن يهدم الاسلام باسلوب المخالفة ، بعدما فشل الغزو الصليبى المباشر ، وهو أن ينقض الاسلام بالاسلام ، او بمعنى أصح ان يهدم الاسلام باسلام آخر مزيف وهو مذهب الوهابية ، وهو ما اجاد فيه محمد بن عبد الوهاب وبرع فيه وكيف أنه نجح فى تكفير جميع المسلمين وليس ذلك فحسب بل ووضع اللبنة الاولى فى عقيدته وهو ان كفر المسلم المرتد اشد من كفر الكافر الذى لم يسلم بعد، وان المسلمين مشركين وكفار لانهم مبتدعون ، فمن زار ولياً لله فهو مشرك ، ومن بنى ضريحاً لولى فهو كافر ، ومن ذكر الله تعالى فى جماعة فهو كافر ، ومن استغاث بالنبى صلى الله عليه وسلم فهو مشرك الى غير ذلك من ترهاتهم.
ثم جعل دور هجرة وهى واحات استطاع اجلاء سكانها منها قسراً وجعل منها مهاجراً لاتباعه يتعلمون فيها اصول مذهبهم ويتدبرون ايضاً على استعمال السلاح واساليب الحرب من الكر والفر والرمى.
لقد نجح من خطط نجاحاً يكاد يكون مطلقاً ، وليس هذا لفرط ذكائه او لعدته التى اعدها ، فلقد مكث الوهابيين اكثر من قرن ونصف من الزمان يتخبطون فى بحار من الدماء ولكن بلا ادنى فائدة على المستوى المحلى او الدولى حتى كاد المخطط لهم ان ييئس منهم لولا ان هبت رياح القرن الاخير فصادفهم التوفيق فى رقة من الدين وضعف من الايمان وادبار من العلم، فاذا بهم يكونون فرس السبق ويحصدون من التوفيق فى تمزيق المسلمين ما لم يفعله جيوش الامبرطورية الانجليزية او الامريكية او الامبراطوريات الاوروبية الاخرى وهى تلك الجيوش الجرارة.
لقد نجح الوهابيون فى الاجهاز على الخلافة العثمانية وهى خلافة المسلمين التى استدامت ما يزيد عن الستمائة عام.
ونجحوا فى تسليم فلسطين لليهود وهم المساكين
ونجحوا فى تفريق المسلمين وتمزيقهم شر ممزق ، فها هم يحكمون على جميع المسلمين بالكفر والشرك والبدعة ولو استطاعوا الفتك بأعناق جميع المسلمين لفعلوها ، ولكن هيهات هيهات.
فترى فى جميع ديار الاسلام جماعات من حاملى هذا الفكر الوهابى حاقدين ناقمين كأنهم موتورين يطلبون ثأراً ، يعيشون فى الظلال حتى اذا صادفوا فتنة كانوا رؤوسها ثم اعملوا ما يجيدونه من الفتنة ورمى الشقاق بين المسلمين ثم يصيرون بمساعدة ايادٍ خفية لا ترى رؤوساً لجماعات لها من المال الوفير ما تستطيع ان تشترى الذمم والرواتب لاعضاءها ومناصروها ويتوفر لهم ما يشاءون من السلاح والدعاية والاعلام الذى يصل الى شغاف الارض ، وكل هذا غير الدعم اللوجستيى لهم.
ينافح كثير من الوهابية وانصارهم من المرتزقة باقلامهم ويقولون بان الوهابيين لم ينصبوا العداء للخلافة العثمانية وانهم لم يهاجمون مناطق حكمها ونفوذها فى شبه الجزيرة العربية والخليج العربى والحجاز واليمن ، وهم فى سبيل اقناع القارئين يصدرون المبدأ التكفيرى نفسهم فى محاربة الوهابيين للبدع ومظاهر الشرك التى شاعت بين المسلمين وغير ذلك مما يختص بهم المذهب التكفيرى.
ان اكبر الادلة على كذب تلك الادعاءات وعلى العداء المستحكم الذى يكنه هؤلاء الوهابيين لأى مظهر وحدة او تحالف بين المسلمين هو موقف الخليفة العثمانى نفسه والصدر الاعظم وأركان الخلافة العثمانية عندما أمرت واليها على مصر محمد على باشا بان يجرد لهم تجريدة (فرقة من الجيش المصرى) بقيادة طوسون بك بن محمد على باشا وأخيه ابراهيم يؤدب بها هؤلاء الخوارج الوهابة السلفيين والتى خرجت بمباركة من رجال الازهر الشريف وعلماءه الثقات والتى خرجت من مصر فى عام 1811 م والتى استمرت ست سنوات واحد عشر شهراً وانتهت فى عام 1818 م بإسقاط لدولة السعودية الاولى وتدمير عاصمتها الدرعية وإعدام عبدالله بن سعود بالآستانة عند باب همايون.