سيد الخلق باب الصالحين

بقلم الدكتور: الدكتور عبدالهادي النجار

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين خالق الخلق ومنظم الملك وبيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

وأصلى وأسلم على سيد الخلق وحبيب الحق الذى أعطاه الله عزوجل صفات لم يعطها لأحد من قبل ولا من بعد فقد أعطاه الله صفوة آدم ومولد شيث وشجاعة نوح وحلم إبراهيم ولسان إسماعيل ورضا أسحاق وفصاحة صالح وحكمة لقمان وبشرى يعقوب وجمال يوسف وصبر أيوب وقوة موسى وتسبيح يونس وجهاد يوشع ونعمة داوود وهيبة سليمان ووقار ألياس وزهد عيس وعلم الخضر

فكان أهلا أن يخاطبه الله عزوجل بقوله تعالى : { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ }


أما بعد :
عندما خلق الله كل شيء وضع وأقر أمرا مهما على كل شيء خلقه حيث أقر أمر التفضيل والاصطفاء ولم يقر ذلك الأمر إلا من خلال علمه الأذلى بأن هؤلاء الخلق الذين فضلوا على باقى الخلق أنما فضلوا لقيامهم بعبادة الله عزوجل عباده تليق بذاته وصفاته ولم يقم بتلك العباده آخرين أمثالهم لذلك نجد أن الله عزوجل بين فى كتابه عن أمر الأصطفاء والتفضيل بقوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} وقوله تعالى : { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ }

 ومن هنا نقول أن الله عز وجل قد أصطفى وفضل سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق بما فيها السموات والأرض والملائكه والجن والانس وسائر الخلق أجمعين بل رفع ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم فى الأولين وفى الآخرين حتى يرث الله الأرض ومن عليها وقد عبر الحديث الذى دار بين جبرائيل عليه السلام وبين سيد الخلق حينما قال جبرائيل للنبى صلى الله عليه وسلم هل تعلم كيف رفع الله ذكرك فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم الله أعلم ورسوله قال رفع الله ذكرك فلا يذكر الله عزوجل إلا وتذكر معه حيث لا يقول أى مخلوق لا إله إلا الله إلا وقال محمد رسول الله ولا يصح إسلام أى أنسان أو أى مخلوق بدون ذكر الشهاده وهى أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم

لذلك علينا أن نعلم علم اليقين أن باب الصالحين هو سيد الخلق صلى الله عليه وسلم حيث لا يستطيع أى مخلوق أن يحمل صفة الصالحين ولا يكون من أولياء الله الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون إلا من خلال سيد الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم حتى الانبياء والمرسلين لا يستطيعوا الالتحاق بالصالحين ولا يكونوا منهم إلا من خلال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا ما عبر عنه القرآن وفى كذا موضع حيث بين الله عز وجل في كتابه العزيز أنه لكي تكون من الصالحين فعليك الدخول من خلال باب الوصول باب سيد الخلق

حيث يقول الله عز وجل في سورة الأنبياء في الآيتين ٧٤ و٧٥: ﴿وَلُوطٗا ءَاتَيۡنَٰهُ حُكۡمٗا وَعِلۡمٗا وَنَجَّيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلَّتِي كَانَت تَّعۡمَلُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمَ سَوۡءٖ فَٰسِقِينَ ٧٤ وَأَدۡخَلۡنَٰهُ فِي رَحۡمَتِنَآۖ إِنَّهُۥ مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ٧٥﴾.

وكذلك في الآيتين ٨٥ و٨٦ من نفس السورة، يقول الله عز وجل: ﴿وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِدۡرِيسَ وَذَا ٱلۡكِفۡلِۖ كُلّٞ مِّنَ ٱلصَّٰبِرِينَ ٨٥ وَأَدۡخَلۡنَٰهُمۡ فِي رَحۡمَتِنَآۖ إِنَّهُم مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ٨٦﴾.

إذا نظرنا في تلك الآيات نجد أن الله عز وجل بيَّن أنه لا بد أن يدخل جميع الأنبياء في رحمة ربهم حتى ينالوا المكانة العلوية، وهي مكانة الصالحين ورحمة الله عز وجل لجميع خلقه هي المصطفى ﷺ، فلا بد للأنبياء أن يدخلوا من باب النبي ﷺ حتى ينالوا صفة الصالحين.

وبيَّن الله عز وجل أن رحمته هو سيد الخلق بقوله تعالى في سورة الأنبياء الآية ١٠٧: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ ١٠٧﴾.

لذلك رحمة الله هو سيدنا محمد بن عبد الله ﷺ، فلابد من المرور على باب الوصول أولًا حتى تأخذ صفة الصالحين ولِمَ لا، وقد طلب ذلك كلٌّ من أنبياء الله عز وجل: زكريا عليه السلام، ويوسف عليه السلام، وكذلك سليمان عليه السلام، وجميع الأنبياء والمرسلين والخلق أجمعين.

وهنا يعبر القرآن الكريم عن طلبات الأنبياء بذلك حيث نجد أن زكريا عليه السلام حينما أراد من الله عز وجل الولد الصالح كما بين الله فى سورة الأنبياء بأن الله أستجاب له ووهب له هذا الولد نجد أن زكريا عليه السلام حينما أراد أن يدعوا الله بذلك دخل من باب سيد الخلق صلى الله عليه وسلم حيث يقول الله عز وجل في سورة مريم: ﴿كهيعص ١ ذِكۡرُ رَحۡمَتِ رَبِّكَ عَبۡدَهُۥ زَكَرِيَّآ ٢﴾ فهنا يقول الله عز وجل: إن زكريا حينما أراد أن ينادي الحق ويدعوه بأن يعطيه الولد، ذكر أولًا رحمة الله عز وجل، ورحمة الله كما قلنا هو رسول الله ﷺ.

وكذلك في سورة النمل على لسان سليمان عليه السلام في الآية ١٩، حيث يقول الله عز وجل:﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكٗا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِي بِرَحۡمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّٰلِحِينَ ١٩﴾. وهنا طلب سليمان عليه السلام الدخول في رحمة الله عز وجل، وهو باب الوصول حتى يدخل في الصالحين، ورحمة الله هو سيد الخلق ﷺ.

والاحاديث الوارده فى ذلك كثيره والتى من خلالها طلب أيضا موسى عليه السلام و غيره من الأنبياء والرسل نفس الطلب من الله عز وجل وهو الدخول من باب الوصول وهو باب رحمة الله ولكن لا يسع المقام طرحها وسردها

لذلك نقول: إن الباب الذي إذا أردت أن تدخل منه إلى الصالحين وتكون من أولياء الله عز وجل هو سيدنا محمد ﷺ ما عليك إلا أن تتبع ما جاء به المصطفى ﷺ من خلال الوحي الإلهي، وتسير على منهجه ﷺ، وأن تتمسك بكتاب الله عز وجل وسنة المصطفى ﷺ، حتى يتحقق فينا قول الله عز وجل في سورة يونس الآيتين ٦٢ و٦٣: ﴿أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ٦٢ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ٦٣﴾.

فرحمته ﷺ ليس لها مثيل، فهي من الله وإلى الله عز وجل، فثم شرع الله.