هل انقطع فضل سيدنا رسول الله ﷺ بعد انتقاله؟


بقلم الشيخ : الحسين بن أحمد المالكى الأزهرى

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين ﷺ.
اما بعد:
إن فضل سيدنا ومولانا رسول الله ﷺ لم ينقطع بإنتقال حضرته بل هو باقى حتى بعد انتقاله والأدلة على ذلك كثيرة نستعرض بعضا منها.

الأدلة
١- قَالَ النَّبِيُّ : ” حَيَاتي خَيْرٌ لَكُمْ تُحْدِثُونَ وَيُحْدَثُ لَكُمْ ، فَإِذَا كَانَتْ وَفَاتي خَيْراً لَكُمْ ، تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ ، فَإِنْ رَأَيْتُ خَيْراً حَمِدْتُ اللَّهَ ، وَإِنْ رَأَيْتُ شَرًّا اسْتَغْفَرتُ لكُمْ”
وجه الدلالة :- أن النبى صلى الله عليه وسلم تعرض عليه الأعمال فيحمد الله إن رأى خيرا ويستغفر إن رأى شرا فبذلك فضل غير مقطوع فى حياته وبعد إنتقاله ﷺ .

٢- عن أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : ( قُحِطَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَحْطاً شَدِيداً ، فَشَكَوْا إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ : انْظُرُوا قَبْرَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَاجْعَلُوا مِنْهُ كِوًى إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى لاَ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ سَقْفٌ . قَالَ : فَفَعَلُوا ، فَمُطِرْنَا مَطَراً حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ وَسَمِنَتِ الإِبِلُ ، حَتَّى تَفَتَّقَتْ مِنَ الشَّحْمِ ، فَسُمِّىَ عَامَ الْفَتْقِ )
وجه_الدلالة :- استسقى القوم بسيدنا رسول الله ﷺ بعد إنتقاله
وسيدتنا عائشة دلتهم على ما فيه الفرج والخير.

٣- روى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَدِمَ علينا أعرابي بعد ما دَفَنَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَرَمَى بِنَفْسِهِ عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَثَا عَلَى رَأْسِهِ مِنْ تُرَابِهِ، فَقَالَ: قُلْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَمِعْنَا قَوْلَكَ، وَوَعَيْتَ عَنِ اللَّهِ فَوَعَيْنَا عَنْكَ، وَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) الْآيَةَ، وَقَدْ ظَلَمْتُ نفسي وجئتك تَسْتَغْفِرُ لِي. فَنُودِيَ مِنَ الْقَبْرِ إِنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَكَ.

٤- عَنْ العُتْبي، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْتُ اللَّهَ يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} وَقَدْ جِئْتُكَ مُسْتَغْفِرًا لِذَنْبِي مُسْتَشْفِعًا بِكَ إِلَى رَبِّي ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
يَا خيرَ مَنْ دُفنَت بِالْقَاعِ أعظُمُه
فَطَابَ منْ طِيبِهِنَّ القاعُ والأكَمُ
نَفْسي الفداءُ لقبرٍ أَنْتَ ســــــاكنُه
فِيهِ العفافُ وَفِيهِ الجودُ والكرمُ
أنت الحبيب الذى ترجى شفاعته
على الصراط إذا ما زلت القدم
وصاحباك فلا أنســـــــــاهما أبدا.
منى السلام عليكم ما جرى القلم
ثُمَّ انْصَرَفَ الْأَعْرَابِيُّ فَغَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ فَقَالَ: يَا عُتْبى، الحقْ الْأَعْرَابِيَّ فَبَشِّرْهُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ له .

٥- روى الدارمي عن سعيد بن عبد العزيز قال: لما كان أيام الحرة، لم يؤذّن في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم، ولم يبرح سعيد بن المسيب من المسجد، وكان لا يعرف وقت الصلاة إلّا بهمهمة يسمعها من قبر النبي -صلى الله عليه وسلم, وذكر ابن النجار وابن زبالة بلفظ: قال سعيد -يعني: ابن المسيب: فلمَّا حضرت الظهر سمعت الأذان في القبر، فصليت ركعتين، ثم سمعت الإقامة فصليت الظهر، ثم مضى ذلك الأذان والإقامة في القبر المقدَّس لكل صلاة حتى مضت الثلاث ليال، يعني: ليالى أيام الحرة.

وجه الدلالة :- كان سيدنا سعيد لا يعلم الصلاة إلا بصوت همهمة من الروضة الشريفة وقيل كان يسمع الأذان.

٦- عن أسماء رضي الله عنها قالت :
” هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْرَجَتْ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ كِسْرَوَانِيَّةٍ لَهَا لِبْنَةُ دِيبَاجٍ ، وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ بِالدِّيبَاجِ ، فَقَالَتْ: هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ ، فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا ، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا “
وجه الدلالة:- أن جبة الحبيب المصطفى ﷺ كانت سببا فى شفاء المرضى فكيف يكون فضله منقطع ؟؟

٧- أخرج ابن أبي خثيمة من هذا الوجه مطوّلا ” قال أصاب الناس قحط في زمن عمر، فجاء رجل إلى قبر النّبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول اللَّه، استسق اللَّه لأمتك، فأتاه النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم في المنام، فقال له: «ائت عمر، فقل له: إنّكم مستسقون ، فعليك الكفين» ، قال: فبكى عمر، وقال: يا رب، ما آلو إلا ما عجزت عنه”

والأدلة كثيرة على أن فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينقطع بإنتقاله كما كان فى حياته .
اللهم مددنا بمدده وأحينا بذكره وأدم علينا محبته ومحبة آل بيته الكرام .

المصادر
١- كتاب (تفسير القرطبى )
٢- كتاب ( تفسير إبن كثير)
٣- كتاب (الإيضاح للنووى )
٤- كتاب ( المجموع للنووى )
٥- كتاب “المغنى لإبن قدامة المقدسى “
٦- كتاب ( الشرح الكبير لأبى الفرج بن قدامة)
٧- كتاب (كشف القناع عن متن الإقناع )
٨- كتاب (الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضى عيــاض )
٩- كتاب (الإصابة فى تمييز الصحابة لإبن حجر العسقلانى)
١٠- كتاب (فتح البارى شرح صحيح البخارى بإبن حجر العسقلانى )