السبت , 27 أبريل 2024

رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه

التعريف بالصحابي حذيفة بن اليمان

هو الصَّحابي حُذيفة بن حسل، ويُقال: حسيل بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن بن قطيعة بن عبس العبسيِّ القطيعيِّ، من بني عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان، وأمَّا اليمان فهو لقب، وسبب تلقيبهُ باليمان؛ لأنَّه مِنْ وَلَدِ اليمان جروة بن الحارث بن قطيعة بن عبس، وكان جروة بن الحارث أيضًا يُقال له اليمان؛ لأنَّه أصاب في قومه دماً فهرب إلى المدينة، فحالف بني عَبْد الأشهل، فسمّاه قومه اليمان؛ لأنَّه حالف اليمانيَّة.
ويُكنى أبو عبد الله، وأُمُّهُ الرَّباب بنت كعب بن عدي بن عبد الأشهل، وهي من الأوس من الأنصار، وقد شهِد غزوة أُحد واستُشهد والدهُ فيها، وكان من كِبار الصَّحابة الكِرام، وبعثه النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- يوم الخندق للنظر في أمر قُريش ليستطلع أخبارهم، ولُقِّب بصاحب سرّ النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وكان عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يسألهُ عن المُنافقين.

مكانة حذيفة بن اليمان عند الرَّسول صلى الله عليه وسلم

أسلم حُذيفة بن اليمان في بداية الدَّعوة، وهاجر إلى النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- وخيَّرهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الهجرة والنُّصرة، فاختار النُّصرة؛ لأنَّه كان حليفاً لبني عبد الأشهل من الأنصار، فآثر أن يبقى مع حُلفائه، وذلك ممَّا يدُل على وفائه، وآخى النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام- بينهُ وبين عمار بن ياسر -رضي الله عنهُما- وأخبره النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام- بأسماء المُنافقين؛ لذلك لُقِّب بصاحب سرِّ النبيَّ -عليه الصلاةُ والسلام- واختاره النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام- ليأتي بالأخبار عن المُشركين في غزوة الخندق ,وكان ممَّن بايع في بيعة العقبة، وخصَّهُ النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام- دون غيره من الصَّحابة بإطلاعه على سرِّه؛ لما يتمتَّع به من خصالٍ نادرةٍ وأخلاقٍ عاليةٍ، ولتميُّزه بكتمانه الشَّديد للسر، وعدم ارتباكه عند الشَّدائد، فأخبره النبيّ بأسماء المُنافقين وأسماء آبائهم، كما بلغ حُذيفة مكانةً عاليةً، حيثُ كان كاتباً للنبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ويشهد على مُراسلاته وكُتبه التي يُرسلها للقبائل والحُكَّام.

بعض مواقف حذيفة بن اليمان

كان لِحُذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- الكثير من المواقف العظيمة في الإسلام وفي الدّفاع عنه، ومن هذه المواقف ما يأتي: موقفهُ في غزوة بدر: لم يشهد حُذيفة غزوة بدر؛ وذلك لِما حصل معه ومع أبيه مع أعدائهما، حيثُ لَقِيَهم كُفَّار قُريش واعترضوا طريقهم لمنعهم من الذَهاب ونصرة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فأخبروهم أنهم يُريدون المدينة لا محمد، فأخذوا منهم العهد والميثاق بالذَّهاب إلى المدينة وعدم قتالهم، فأخبروا النبيَّ -عليه الصلاةُ والسلام- بما حصل معهم، فأخبرهم بالتزام الوفاء بالعهد والميثاق الذي قطعوه معهم.
موقفهُ في غزوة أُحد: شارك حُذيفة -رضي الله عنه- في غزوة أُحد، وأُصيب أبيه في المعركة؛ حيثُ قُتل من بعض الصَّحابة عن طريق الخطأ؛ لاشتباهٍ في الِّلباس؛ لأنَّ الجيش يختفون في لامة الحرب ويستُرون وُجوههم، ولا توجد علامةٌ تُميِّزُهم عن غيرهم، فلمَّا رأى والده قال: أي عباد الله أبي أبي، وغفر الله لمن قتله، وتصدَّق بديَّته على المُسلمين، ممَّا يدُلُّ على صبره على البلاء والمِحن، واتّزانه وقُدرته على تحمُّل الآلام.

موقفهُ يوم الخندق

كان حُذيفة -رضي الله عنه- ممَّن شارك في غزوة الخندق من بدايتها، وتحمَّل أعباء الدِّفاع عن المدينة مع النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- وباقي الصَّحابة الكِرام، وكان ممَّن شارك في حفر الخندق، وفي نهاية المعركة اختاره النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام- وناداهُ باسمه؛ ليذهب ويدخُل في صُفوف المُشركين، ويتحسّس أخبارهم، ويُحاول كشف أسرارهم، وذلك بعد أن دبَّ الخوف في صُفوفهم، فذهب ودخل بينهم تطبيقاً لأمر النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وكان ذلك في اللّيل، ولكنَّه كان سريع البديهة، قويَّ اليقين والإيمان، ويُحسن التَّصرُّف بالأُمور المُحرجة، ذكيَّاً وصاحب شخصيةٍ قويَّةٍ، فاستطاع بهذه الصِّفات أن يحضر بعض اجتماعات العدو الخاصَّة، وعرف أخبارهم الظاهرة والباطنة.
وكان من توجيهات النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- له بأن لا يفعل شيئاً فيهم، وكان من شدَّة ذكائه أن أبا سُفيان طلب من جُنوده بتحسّس كُلِّ واحدٍ بمن هو بجانبه، فقال حُذيفة: فأخذتُ بيد الرجل الذي بجانبي، وسألته عن نفسه، ثمَّ حرَّضتهم على الرُّجوع عن المدينة، ولما رجعتُ إلى النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- وجدتُه يُصلّي، فلما رآني أدخلني إلى رحله، ثُمَّ ركع وسجد، فلمَّا سلّم أخبرته بأمرهم، وأنَّهم يُريدون الرَّحيل.
مناقب حذيفة بن اليمان اتَّصف حُذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- بالكثير من الصِّفات والمناقب الحميدة، ومنها ما يأتي: الذَّكاء النادر، وسُرعة البديهة؛ الأمر الذي يجعلهُ يُعالج الأزمات والمواقف بِكُلِّ يُسرٍ وسُهولةٍ، ومن ذكائه أنَّه أدرك أن الخير واضحٌ، وأن الشَّرَّ يتغيَّر ويتخفّى، فقال عن نفسه: “كان النَّاس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشَّر مخافة أن يدركني”.
الشَّجاعة النَّادرة، والقُدرة على التَّصرُّف ومعالجة الأُمور، ومن ذلك موقفهُ في غزوة الخندق المذكور سابقاً، وكذلك قُدرته على الكتمان الشَّديد للأسرار، وهو حاضر البديهة، صحيح القرار، قويّ الشَّخصية، نافذ الإرادة، وشديد الانضباط وتطبيق الأوامر العسكريَّة الصَّادرة من النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-.

وفاته رضى الله عنه 

تُوفّي حُذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- في المدينة المنورة، وكان ذلك بعد استشهاد عُثمان -رضي الله عنه- بأربعين ليلةً، وقيل: إنَّه توفي بالمدائن سنة خمسٍ وثلاثين للهجرة، وقيل: سنة ستٍ وثلاثين، وذكر الإمام النوويُّ أنَّه تُوفّي في نهاية شهر مُحرَّم في سنة ستةٍ وثلاثين للهِجرة، وذكر ابنُ سعد أنَّه تُوفّي بالمدائن، وقبره موجودٌ إلى الآن في مسجد سلمان الفارسي في المدائن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *