بناء الحضارة في الإسلام ( اللبنة الاولى )

الإنسان هو محور هذا الكون، وهو معجزة الله العظمى في هذا النظام المتقن الفسيح، خلقه الله تعالى على هيئة تختلف كليةً عن سائر المخلوقات وفضله وكرمه على سائر المخلوقات وخصه بنعم كثيرة لم يعطها للمخلوقات الاخري فقد قال تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا )

بل وسخر له هذه المخلوقات لتكون في خدمته وتعينه على بقاءه على قيد الحياه وقضاء حاجاته فقد قال تعالى (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ)

ولما كان الانسان هو الركيزة الاساسية في هذا الكون فقد اهتمت الشريعة الاسلامية بهذا الانسان اهتماما كبيرا ليس بتنظيم عباداته وهدايته الى سواء السبيل وجوانب الحياه الروحانية فحسب بل نظمت حياته الدنيوية بإحكام شديد في شتى مناحي الحياة فاهتمت بأدق التفاصيل في حياه الانسان ووفرت له كافة السبل التي توفر له حياه كريمة وتجعله فردا بناءً صالحا لبناء مجتمع قوى ومتماسك في جميع جوانبه:

فأتت الشريعة بتنظيمات تبدأ ببناء الانسان نفسه والشخص ذاته لأنه هو اللبنة الاولى في بناء أي مجتمع فمنذ بداية ولادته حرص الاسلام على اعداده وتنشئته نشأة صالحة وامر بالاهتمام بهذا الطفل سواء كان ذكرا دون أي تفريق بعد ان كانت البنات يتم دفنها حية في الجاهلية وهنا اول نقطة بناءة اقام بها الاسلام بناء المجتمع وبناء الحضارة فقد قال تعالى ( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا )

ثم امرت الشريعة بالاهتمام بهذا الطفل والاهتمام بغذائه فامرت وحثت الأم على ارضاعه وتغذيته غذاء سليما حتى يشتد عوده وينشأ نشأة صحية خالية من الامراض فهذا الطفل الرضيع بعد ان يشتد عوده اصبح جاهزا للخروج الى هذه الحياه واكتشاف ماهية الحياه وماهية الكون الذى اتى اليه فتدخلت الشريعة هنا لتقويم هذا الفتى الذى خرج للمجتمع تقويما صحيحا فأمرت والديه بتربيته تربية حسنة وتهذيبه وتعليمه الاخلاق والفضائل الكريمة والزمت والديه بالتكفل به حتى يصبح شابا قويا يستطيع الاعتماد فهذا الفتى هو رجل الغد وهو درع الامة وحماها وعالمها ومفكرها ومن سيحمل هموم الامه على ساعديه حينما يصبح شابا يافعا فامر رسول الله صلّ الله عليه وسلم الآباء بتقوية وتطوير مهارات الأبناء فقال في الحديث الصحيح (علموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل ) كل هذا ان دل على شيء فانه يدل على ان تأسيس الطفل وتعليمه منذ الصغر تعليما صحيحا سيؤثر عليه في الكبر حتى يصبح عضوا صالحا في المجتمع قريبا من ربه مفيدا لأسرته طائعا لوالديه يبنى بساعديه امته ويحمل همومها ويرتقي بها الى أعلى المنازل .

  • rohadmin rohadmin

    Related Posts

    حقوق المرأة فى الاسلام التى لاتعرف أوروبا عنها شيئا

    اذا خان الرجل “زوجَتَه” رُجمَ حتى الموت . أخرج البخاري عن جابر رضي الله عنه: :أن رجلاً من أسلم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال: إنه…

    حق المسكن وحرمته

    حفظ الإسلام للإنسان حق السكن بل وكفل له الأمن في مسكنه لأنه مأواه ومكمن سره ومكان راحته وطمأنينة نفسه. فالسكن من الأمور الأساسية لضمان حياة كريمة، تبعده عن عوارض الكون…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    الإسلام والعلمانيين وإنصاف الإسلام للمرأة

    الإسلام والعلمانيين وإنصاف الإسلام للمرأة

    الدكتورة تيريزا كانت تحاول تنصير زميلها المسلم فنطقت هي الشهادة وأعلنت إسلامها

    الدكتورة تيريزا كانت تحاول تنصير زميلها المسلم فنطقت هي الشهادة وأعلنت إسلامها

    الشيخ محمد الغزالى لايخاف فى الله لومة لائم

    الشيخ محمد الغزالى لايخاف فى الله لومة لائم

    رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنه

    رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنه

    كرامة الشيخ الدردير رضى الله عنه مع الوالى العثمانى الظالم

    كرامة الشيخ الدردير رضى الله عنه مع الوالى العثمانى الظالم

    على منهاج النبوة قطوف من سيرة أبو بكر الصديق رضى الله عنه

    على منهاج النبوة قطوف من سيرة أبو بكر الصديق رضى الله عنه