الصوفيه الشيشان يقاومون الغزو الروسي

تعرض العالم الإسلامي القرنين الأخيرين لضربات أتت على استقلال أغلب الدول وانهارت الأمة الإسلامية بأسرها تقريبا، ولم يأت مطلع القرن العشرين حتى كانت أمم الإسلام واقعة تحت سلطان غير المسلمين من إنجليز وفرنسيين وهولنديين وغيرهم، وهذا الأمر لم يحدث بين يوم وليلة، بل سبقه أوضاع مهدت له وواكبته أحداث وحروب، ومقاومة لا يعرف كثير من الأجيال المعاصرة الآن شيئًا عنها، فماذا نعرف عن مقاومة الجيوش الأوروبية في أفريقيا؟

ماذا نعرف عن مقاومة الطريقة التيجانية للعدوان الفرنسي في المغرب العربي
وعن محاربة الطريقة السنوسية للقوات الفرنسية في وسط أفريقيا
ثم مقاومتها للقوات الإيطالية في ليبيا
وماذا نعرف عن دور مشايخ الطريقة النقشبندية في مقاومة القيصرية الروسية في وسط آسيا والقوقاز
ثم وقوفها أمام البلشفية الروسية في قوتها، ثم تجدد مقاومتها لروسيا في التسعينيات من القرن العشرين وما هذا إلا قليل من كثير

وفي السطور التالية سنعرض ببعض التفصيل دور إحدى هذه الطرق في المقاومة للأعداء، وهي الطريقة النقشبندية.
ترجع النقشبندية في أصلها إلى الشيخ، محمد بن بهاء الدين بن لطف الله (توفي 952هـ/1545م)، كان أبوه بهاء الدين مدرسا للشريعة، وجدّه صوفيًّا وفقيهًا في بالي كسرى والشيخ محمد فقيه حنفي، وقد جمع بين فقه أبيه وتصوف جدّه، وسافر إلى الحج مرتين، وقد اتخذ لنفسه صنعة حتى لا يأكل من وراء تعليمه الناس، أو من عطايا الملوك والأمراء، فكانت صنعته التطريز للأطلس، ومن هنا جاء اسم الطريقة نقشي-بندي) وقد ذاع صيته في البلاد المختلفة.
وقد كان بعض مشايخ الطريقة يقودون حركة الجهاد في مناطق مختلفة، وكان الشيخ منصور أشرمة أول قائد عسكري صوفي، بمنطقة الشيشان وداغستان وقاد هجمات ناجحة على قوات القيصرية الروسية، واستطاع أن يفني سَرية روسية كاملة على نهر سونجا عام 1785م، وقد أسره الروس في إحدى المعارك عام 1791م، وحكم عليه بالمؤبد، ومات في حصن شكوبليرغ ولم تتوقف مسيرة الجهاد. وتولى الشيخ خاس محمد أفندي الباراغلاري النقشبندي قيادة حركة الجهاد، ويستشهد في ساحة المعارك ويتولى مشايخ الطريقة النقشبندية قيادة حركة الجهاد في وسط آسيا، ويقود ثورة مدينة أنديجان في سنة 1898م شيخ النقشبندية بها، وبعد قمع الثورة 1899م يشنق على يد الروس.
وقبل هذه الثورة كان القاضي ملا محمد الكمراوي النقشبندي يقود المجاهدين في انتصارات متوالية على القوات الروسية حتى أطلق عليه اسم الغازي محمد، حيث ظل يحقق انتصارات متوالية بين عامي 1832م إلى 1834م، ويستشهد الرجل في الميدان، ويحمل الراية تلميذه الأمير حمزة الخنزاجي، ويلحق التلميد بأستاذه شهيدًا، ويتحمل مسئولية القيادة الإمام محمد شامل تلميذ القاضي محمد وشيخ النقشبندية، واستطاع الإمام شامل تحقيق انتصارات رائعة ببطولة وعبقرية نادرة، ويسترد الإمام شامل كثيرًا من القلاع والحصون التي استولى عليها الروس، واستطاع أن يقيم دولة مجاهدة، تقيم العدل، وتقوم برسالة الإسلام من دعوة، وتربية وجهاد خلال خمس وعشرين سنة، وأقام الشيخ محاكم شرعية في كافة الجهات التي تقع تحت سلطانه، وأرسل مندوبين عنه لمتابعة الأعمال.

  • mostafa khater

    Related Posts

    الصوفية وحروب التتار

    نأتي إلى حروب التتار الذين هاجموا الإسلام وانتهكوا بلاد المسلمين وانتهكوا بغداد وما حولها ، حروب التتار ، نجد ـ الإمام أبو الحسن الشاذلي مرجع الصوفية الشاذلية ، كان هو…

    جهاد الصوفية ضد الاستعمار

    نأتي إلى جهاد الصوفية ضد الاستعمار ـ الشيخ عبد الكريم المغربي قائد حركة المرابطين في المغرب ضد الاستعمار -الاستعمار الإنجليزي والفرنسي وغيره-. ـ الشيخ عبد القادر -الأمير عبد القادر- الجزائري…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    الإسلام والعلمانيين وإنصاف الإسلام للمرأة

    الإسلام والعلمانيين وإنصاف الإسلام للمرأة

    الدكتورة تيريزا كانت تحاول تنصير زميلها المسلم فنطقت هي الشهادة وأعلنت إسلامها

    الدكتورة تيريزا كانت تحاول تنصير زميلها المسلم فنطقت هي الشهادة وأعلنت إسلامها

    الشيخ محمد الغزالى لايخاف فى الله لومة لائم

    الشيخ محمد الغزالى لايخاف فى الله لومة لائم

    رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنه

    رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنه

    كرامة الشيخ الدردير رضى الله عنه مع الوالى العثمانى الظالم

    كرامة الشيخ الدردير رضى الله عنه مع الوالى العثمانى الظالم

    على منهاج النبوة قطوف من سيرة أبو بكر الصديق رضى الله عنه

    على منهاج النبوة قطوف من سيرة أبو بكر الصديق رضى الله عنه