الامام مالك وزيارة روضة النبى صلى الله عليه وسلم

الإمام مالك هو من أشد الناس تعظيماً للجناب النبوي وهو الذي كان  لا يمشي في المدينة المنورة متنعلاً ولا راكباً ولا يقضي فيها حاجته احتراماً وتعظيماً وتكريماً لتراب المدينة الذي مشى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وها هو يخاطب أمير   المؤمنين المهدي لما جاء إلى المدينة في هذا الموضوع ويقول له : إنك تدخل الآن  المدينة فتمر بقوم عن يمينك ويسارك وهم أولاد المهاجرين والأنصار فسلم عليهم فإنه ما على وجه الأرض قوم خير من أهل المدينة ، ولا خير من المدينة . فقال له : ومن أين قلت ذلك يا أبا عبد الله ؟ قال : لأنه لا يعرف قبر نبي اليوم على وجه الأرض غير قبر محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن قبر محمد عندهم فينبغي أن يعلم فضلهم .

(كذا في المدارك للقاضي عياض).

ومن شدة تعظيمه للمدينة أنه كره أن يقال : زرنا قبر النبي صلى الله عليه   وآله وسلم ، وكأنه أراد أن يقول القائل زرنا النبي صلى الله عليه وسلم  مباشرة دون لفظ القبر ، لأن القبر مهجور بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : صلوا في بيوتكم ولا تجعلوها قبوراً .

قال الحافظ ابن حجر : إنه إنما كره اللفظ أدباً لا أصل الزيارة فإنها من  أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال ، وأن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع . (فتح الباري شرح صحيح البخاري ج3 ص66) .

وقال الإمام الحافظ ابن عبد البر : إنما كره مالك أن يقال : طواف الزيارة وزرنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم لاستعمال الناس ذلك بعضهم لبعض ، أي فيما بينهم فكره   تسوية النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مع الناس أي عمومهم بهذا اللفظ ، وأحب أن يخص بأن يقال : سلمنا على النبي صلى الله عليه وسلم .

وأيضاً فإن الزيارة مباحة بين الناس وواجب شد المطي إلى قبره صلى الله عليه وسلم  يريد بالوجوب هنا وجوب ندب وترغيب وتأكيد لا وجوب فرض ، والأولى عندي أن منعه وكراهة مالك له لإضافته إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لو قال : زرنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يكرهه لقوله صلى الله عليه وسلم  :

((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد بعدي ، اشتد غضب الله على قوم    اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) ..

فحمى إضافة هذا اللفظ إلى القبر والتشبيه بفعل أولئك قطعاً للذريعة  وحسماً للباب .

قلت : ولو كان المقصود كراهية الزيارة لقال مالك : أكره للرجل أن يزور  قبر النبي صلى الله عليه وسلم  لكن ظاهر قوله : (أكره للرجل أن يقول الخ ..) على أن المقصود    هو كراهة التعبير بهذا اللفظ فقط .

  • mostafa khater

    Related Posts

    إحتمينا برسول الله

    أ/ أيمن الصاوى يقول الصحابة رضوان الله عليهم كنا إذا إشتد الوطيس إحتمينا برسول الله ﷺ وكان ﷺ إذا إشتد البلاء علي أمته كيوم حنين وقف بجلال قدره علي الأرض…

    أقوال العلماء في التبرك بالاولياء والصالحين

    بقلم الأستاذ : مصطفى المُكن هذا حوار يجب أن نفهم منه ما معني التبرك والوسيله بالأدلة من قول أئمة العلماء ولا ينكر هذا الكلام إلا قلب خالي من الايمان والنور…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    الإسلام والعلمانيين وإنصاف الإسلام للمرأة

    الإسلام والعلمانيين وإنصاف الإسلام للمرأة

    الدكتورة تيريزا كانت تحاول تنصير زميلها المسلم فنطقت هي الشهادة وأعلنت إسلامها

    الدكتورة تيريزا كانت تحاول تنصير زميلها المسلم فنطقت هي الشهادة وأعلنت إسلامها

    الشيخ محمد الغزالى لايخاف فى الله لومة لائم

    الشيخ محمد الغزالى لايخاف فى الله لومة لائم

    رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنه

    رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنه

    كرامة الشيخ الدردير رضى الله عنه مع الوالى العثمانى الظالم

    كرامة الشيخ الدردير رضى الله عنه مع الوالى العثمانى الظالم

    على منهاج النبوة قطوف من سيرة أبو بكر الصديق رضى الله عنه

    على منهاج النبوة قطوف من سيرة أبو بكر الصديق رضى الله عنه