وضع الجريد على القبور

يقول الشيخ عطية صقر، من كبار علماء الأزهر الشريف، رحمه الله :

عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ على قبْرَين فقال: “إنهما لَيُعذَّبانِ ، وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يَستَنْزِه من البول، وأما هذا فكان يَمشِي بين الناس بالنميمة” ثم دعا بعَسِيب رطْب فشقَّه باثنين، ثم غَرَس على هذا واحدًا وعلى هذا واحدًا وقال: “لعله يُخفِّف عنهما ما لم يَيْبَسَا” ([1]).

العسيب ـ الجريدة التي لم يَنبُت فيها خُوص، فإن نَبَت فهي السَّعْفة.

وفي حديث مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يَقطع غصنين من شجرتين كان النبي صلى الله عليه وسلم يَستتر بهما عند قضاء حاجته، ثم أمره أن يُلقِىَ الغصنين عن يمينه وعن يساره حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا ولما سأله عن ذلك قال: “إني مررت بقبرين يُعذبان فأحببتُ بشفاعتي أن يَرفَعه عنهما ما دام الغصنان رطْبين” ([2])

عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبر فوقف عليه فقال: “ايتُوني بجريدتَين” فجعل إحداهما عند رأسه، والأخرى عند رِجْلَيْهِ([3]).

وأكثر من قصة وَردَتْ في وضع الجريد على القبر.

وابن حجر رد على تعليل القاضي عياض غرْز الجريدة بأن العذاب مغيب لا يَعلَمه إلا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال لا يلزم من كوننا لا نعلم: أيعذب أم لا، إلا نَتسبَّب له في أمر يُخفف عنه العذاب أنْ لو عُذِّبَ، كما لا يمنع كوننا لا ندري: أرُحِمَ أم لا، ألا ندعو له بالرحمة، وليس في السياق ما يقطع على أنه ـ النبي ـ باشَر الوْضع بيده الكريمة، بل يُحتمل أن يكون أمَرَ بهنَّ وقد تأسَّى بريدة بذلك وهو أولى أن يُتبع من غيره. “([4]).

والحكمة في تخفيف العذاب ما دامت الرطوبة في الغصن قيل:” إنها غير معلومة كالحكمة فى كون عدد الزبانية تسعة عشر، وقيل: إن الغصن يُسبِّح ما دام رطبًا فيَحصُل التخفيف ببركة التسبيح، وعلى هذا فهو مطَّرد في كل فيه رطوبة من الأشجار وغيرها، وقال الخطابي: انتفاع الميت بالجريدة محمول على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعا لصاحبي القبرين بالتخفيف مدة بقاء النَّداوة، لا أن في الجريدة معنى يَخصُّه، ولا أن في الرطب معنى ليس في اليابس.

([1])  رواه البخارى .

([2])   شرح النووي ج 18 ص 144 .

([3])   روها ابن حبان في صحيح.ه

([4])   فتح الباري لابن حجر ـ ج 1 ص 33، ج 2 ص

تحميل كتاب موسوعة الردود الجلية فيما أخذ على الصوفية466

  • mostafa khater

    Related Posts

    إحتمينا برسول الله

    أ/ أيمن الصاوى يقول الصحابة رضوان الله عليهم كنا إذا إشتد الوطيس إحتمينا برسول الله ﷺ وكان ﷺ إذا إشتد البلاء علي أمته كيوم حنين وقف بجلال قدره علي الأرض…

    أقوال العلماء في التبرك بالاولياء والصالحين

    بقلم الأستاذ : مصطفى المُكن هذا حوار يجب أن نفهم منه ما معني التبرك والوسيله بالأدلة من قول أئمة العلماء ولا ينكر هذا الكلام إلا قلب خالي من الايمان والنور…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    الإسلام والعلمانيين وإنصاف الإسلام للمرأة

    الإسلام والعلمانيين وإنصاف الإسلام للمرأة

    الدكتورة تيريزا كانت تحاول تنصير زميلها المسلم فنطقت هي الشهادة وأعلنت إسلامها

    الدكتورة تيريزا كانت تحاول تنصير زميلها المسلم فنطقت هي الشهادة وأعلنت إسلامها

    الشيخ محمد الغزالى لايخاف فى الله لومة لائم

    الشيخ محمد الغزالى لايخاف فى الله لومة لائم

    رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنه

    رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنه

    كرامة الشيخ الدردير رضى الله عنه مع الوالى العثمانى الظالم

    كرامة الشيخ الدردير رضى الله عنه مع الوالى العثمانى الظالم

    على منهاج النبوة قطوف من سيرة أبو بكر الصديق رضى الله عنه

    على منهاج النبوة قطوف من سيرة أبو بكر الصديق رضى الله عنه