محبة النبى ليس بكلمات تكتب ولا خطب تقال
10 نوفمبر، 2024
قبس من أنوار النبوة
بقلم : الداعية الأزهري ومعلم القرآن الكريم الشيخ أحمد صقر
الحمد لله الذي أمرنا بحب نبيه واتباع أمره وصلى الله على نبينا الذي بطاعته واتباع سنته برهان محبته وبعد :
كما هو ثابت حب النبي صلى الله عليه وسلم لامته من التقى بهم في حياته أو من جاؤوا بعده ، وكما رأينا كم قدَّم لنا من تضحيات وكم تحمل من الإيذاء في سبيل ان يصل الى صحراء قلوبنا الموحشة التي قست فتحجرت ومات نبت الخير فيها برياح الحق الذي جاء به صلى الله عليه وسلم ، حاملة معها سُحُب المحبة مع نور شمس الهداية تصحبها بذور التوحيد لتُغْرس في قلوب من جاؤوا بعده ، فيهبط رياح الحق على القلوب الصلدة فيكسر كبريائها ، ويخر مع هبوطه ماء المحبة فتبتل أتربة غشاوة القلب التي حجبت عنه عين البصيرة فتقبل شقوق القلب الذي مزقها شؤم المعاصي بذور التوحيد ، وتستمد من نور شمس الهداية غذائها ، فتهتز القلوب كأنها ترقص فرحة بعودة الحياة اليها من جديد ، وتستعد لنبت الخير فيها ، ومن هنا يحيا الانسان المسلم بحياة قلبه ، فيعرف حقيقة نفسه ، وكم هو عبد لله ، وان نجاته من المهالك فقط بفضل الله انه أُعِين بمدد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ …} الانفال 33
احبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحب الذي من أجله جاهد وتحمل كل اصناف المشقات لتصل انوار رسالته الى جميع الامة بكل أطراف الدنيا الى آخر الزمان ، ولم ينسى ابدا هذا ، وحتى عند آخر لقاء يجمع فيه اكثر من آمن به من المسلمين بحجة الوداع ليعلمهم الدين الكامل ، وشدد في ان يوصلوا لنا وللعالمين طوق النجاة وعز الدنيا وفوز الآخرة سعادة الدارين ، فأوصاهم وصية محب يخشى على أحبابه من الوقوع في مزالق التيه وغياهب النسيان ، وظلام الكفر ، وتسلط الشياطين ، فقال : (بلغوا عني ولو آية) وهو تكليف عنه بايصال ومد مداد النبوة ولو باقل نصاب تعلموه عنه ، (ولو آية) أو موعظة او وصية ، (أدوا عني يرحمكم الله) ، حتى لا يبخل أحدهم او يتكاسل في حق الاداء عندما يعلم ان في تأديته حق التبليغ تغشاهم بدعوته رحمة الله ، التي بها يفتح لهم مغاليق كل شيء .
فيتشرفون بشرف حمل رسالته ، ويفوزون برحمة ربهم بحق دعوة نبيهم (يرحمكم الله) (فليبلغ الشاهد منكم الغائب) وبهذا لو ان كل من شهد الوصية العظيمة وكلٌ منهم حمل منها نصابا وبلَّغهُ لوصلت كما في مراده صلى الله عليه وسلم ، والحمد لله انهم كانوا كما أراد صلى الله عليه وسلم ، ولم يتوان أحد منهم لتوصيل مداد الخير والهداية النبوية الينا على الوجه الاكمل ، ليس له مثيل على وجه الدنيا ، فوصلت كمشكاة ناصعة ومحجة بيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها ولا يتنكبها الا ضال ، بفضل حبه لنا (ليبلُغَن هذا الأَمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أَدخله الله هذا الدين بعز عزيز أَو بذل ذليل عزا يعز الله به الإِسلام وذلا يذل الله به الكفر) رواه أحمد
فان كان حبه قد وصلنا واهتدينا به وأنار طريقنا ، فهلّا نسْلك مسلكه ونخطوا نحو الطريق الذي اناره .
أمدعين الحب نحن ام نحن المحبين البخلاء والكسالى؟
ندعي محبته وفرطنا في جميع سنته؟
ندعي محبته وتخاصمنا وتفرقت كلمتنا؟
ندعي محبته وهجرنا المساجد الى المقاهي والاندية والحفلات الهابطة؟
ندعي محبته وبطون الفقراء تتلوى جوعا؟
ندعي محبته وأيتام الامة يرتعدون خوف القهر والمذلة والحاجة؟
ندعي محبته والمساجد تشكونا اليه لقلة زوارها وعمارها؟
ندعي محبته وهجرنا قرآنه وبدلناه الى الاغاني والمهرجانات وقبيح الشعر والكلام؟
ندعي محبته واخوانا لنا من بني جلدتنا وديننا تُنتَهك أعراضهم ودمائهم وتسلب أموالهم وأوطانهم ولا مجيب لصرخاتهم؟
ندعي محبته وتُنتَهك مقدساتنا وقداسة قراننا؟
نعم وندعي محبته وتسلب الحقوق وتغتصب الاموال وتؤكل المواريث وتقبل الرشوة وتكثر المحسوبيات ويهمش أهل العلم وعلماء الدين …؟ {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} آل عمران31
دعوة الحق على لسان النبي صلى الله عليه وسلم لكل طالب حب او مدعيه ، بان يستجيبوا له وينصاعوا لدعوته وطاعته ، لان الله تعالى في النهاية لا يحب الذين يتولون ويعرضون عن نهج النبوة ولا يقتدون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم
قال الامام الشافعي رحمه الله تعالى
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ،،، هذا محال في القياس بديـع
لو كان حبك صادقا لأطعتـه ،،، إن المحب لمن يحب مطيـع
في كل يوم يبتديك بنعمــة ،،، منه وأنت لشكر ذلك مضيع