الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله سنة أسنها النبى فى رحلة الهجرة
25 أغسطس، 2024
بساتين النبوة
بقلم محفظ القرآن الكريم الأزهرى : الشيخ أحمد صقر
الحمد لله تعالى المنزه عن التشبيه والتمثيل والتجسيد ، وصلاة على نبينا سيد الأولين والاخرين ، وبعد :
فإن الأخذ بالأسباب سنة ومنهج نبوى شريف ، والتواكل معصية ومن مفسدات الامور وكذلك فإن التوكل على السبب وترك المسبب سبحانه وتعالى شرك اعاذنا الله من هذا
ولذلك فمنذ أن بدأ النبي صلى الله عليه وسلم ،التجهيز لرحلة الهجرة المباركة والرحيل المحفوف بالمخاطر والملئ بالمعجزات والكرامات النبوية أيضاً أتخذ صل الله عليه وسلم كافة الوسائل والاحتياطات التى تسهل عليه رحلته الطويلة الصعبة فقبل الشروع فى الرحلة جهز صلى الله عليه وسلم كل ما يعينه على الوصول سالما معافا
فالهجرة النبوية الشريفة مليئة بالدروس والعبر والتعلم لمن أراد أن يتعلم وإن من أهم دروس الهجرة تعلم اليقين والتوكل على الله تعالى ، مع الأخذ بالأسباب وعدم التواكل أو التوكل على السبب فقد أحكم النبى صلى الله عليه وسلم خطته ورسم طريق سيره وجهز كل ماينجيه من بطش المشركين ويسهل عليه تعب ومشقات السفر البعيد إلى مدينته التى ستصبح موطنه ودولته ، والتى سيحل عليها بقدومه انوار النبوة وسمو الرسالة وهداية التشريع فقبل الشروع فى الهجرة :
جهز من ينام على فراشه المبارك وترك علياً رضي الله عنه ليشغل الباحثين عنه ، ويضيع وقتهم بالانتظار خلف الباب الشريف ، حتى يتوارى عن أنظارهم ، ثم يرد الامانات التى كانت تودع عنده لأمانته وجميل حرصه
وجهز الراحلة التى تحمله ” القصواء ” ، وصديق الرحلة الصدِّيق رضي الله عنه ” ، ودليل الرحلة عبدالله بن اريقط ولم يكن مسلما ومن يمدهم بالزاد ” السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق ” إذ هم بالغار ، ومن يتسمع لهم ما يقوله الناس ” عبدالله بن أبي بكر الصديق ” ، ومن يمحو اثر اقدامهم بالغنم حتى لا يستدل عليهم أحد ” عامر بن فهيرة ” وليضلل من يطلبونه أو يبحثون عنهما .
كل هذه أسباب المساعدة لسلامة الوصول أعدها صلى الله عليه وسلم قبل أن يتحرك للهجرة المباركة ، وبعد اتمام كل شيء هنا يأتى دور الإيمان وإظهار التوكل واليقين على الله تعالى ، ” إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ” التوبة 40 ،
فتدركهم رعاية وعناية الرحمن سبحانه ، حتى أن عيون المشركين لا تتخلل خيوط العنكبوت ولا تستطيع رؤية من في الغار وتفقد وظيفة الابصار مع كونها سليمة فلا تبصرهما وكذلك يأتى الحمام ويضع بيضه أمام الغار ، نعم فقد نجح النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم ، في إتمام مهامه وتأكيد جميع الأسباب ، وترتيب المهام واصحابها ، ثم أظهر اليقين فأثمر إيمانه بربه ، لِيُعلّم أمته درسا عمليا لكيفية الاستفادة من الإيمان بالله الواحد القادر ، ولهذا كان من أهم دروس الهجرة تعلم الأخذ بالسبب مع اليقين الصحيح وتعلق القلب بالمسبب وهو الله جل في علاه ، “اعقلها وتوكل”