الدليل على مشروعيتها من السنة المطهرة :
الصلاة والسلام على النبى بعد الآذان من السنن الحسنة وهى من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم والتى لا جدال فيها وقد قال تعالى : ( يا أيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) ([1])
فهذه الآية تأمر بالصلاة على النبى من غير تقييد بعمل ولا بوقت ولا بحال ولا بشان ولا إذا كانت جهرا أو سرا أو بصيغة معينة .
وقد قـال صلى الله عليه وسلم : ” إذا سمعتم المـؤذن فقـولوا مثلما يقول ثم صلوا على ” ([2])
الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الآذان سنه ولم ينكرها إلا ضال مبتدع
ذكر العلامة الالوسى : أن قوله تعالى : ( صلوا عليه وسلموا تسليما ) أن المؤذن داخل تحت هذا الأمر لان الأمر فى الآية للوجوب ويجوز التنويع فى صيغ الصلاة لأنه لم يرد عن النبى تحديد صيغة معينة ([3]).
وفى كتب الفقه على المذاهب الأربعة: زاد بعض الخلف عقب الآذان وقبله أموراًَ منها الصلاة على النبى بعد الآذان ومنها التسابيح والاستغفار قبله بالليل وهى بدع مستحسنة لأنه لم يرد فى السنة ما يمنعها وعموم النص يقتضيها ([4]) .
وفى شرح الإمام النووى على صحيح مسلم : ذكر أن الصلاة على النبى بعد الآذان لا باس بها للتنبيه أى ليصلى عليه الغافل من لا يعلم بطلب الصلاة عليه بعد إجابة المؤذن فى قوله صلى الله عليه وسلم : ” ثم صلوا على”.
وقد استحسن ذلك : بن حجر فى ( الدر المنضود ) ونقله العلامة الشيخ سليمان بن الجمل عن البرماوى الشافعى فى حواشى ( شرح المنهج ) وكذلك اقره العلامة الصاوى المالكى والكثير من العلماء
قال الإمام العلامة أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي (ت:1230هـ):
((وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ- بَعْدَ الْأَذَانِ: فَبِدْعَةٌ حَسَنَةٌ أَوَّلُ حُدُوثِهَا زَمَنَ النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ…وَكَانَتْ أَوَّلًا تُزَادُ بَعْدَ أَذَانِ الْعِشَاءِ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَقَطْ ثُمَّ…زِيدَتْ عَقِبَ كُلِّ أَذَانٍ إلَّا الْمَغْرِبَ. كَمَا أَنَّ مَا يُفْعَلُ لَيْلًا مِنْ الِاسْتِغْفَارَاتِ وَالتَّسَابِيحِ وَالتَّوَسُّلَاتِ فَهُوَ: بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْبِشْبِيشِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِـ: “التُّحْفَةِ السَّنِيَّةِ فِي أَجْوِبَةِ الْأَسْئِلَةِ الْمَرْضِيَّةِ” أَنَّ أَوَّلَ مَا زِيدَتْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ- بَعْدَ كُلِّ أَذَانٍ عَلَى الْمَنَارَةِ زَمَنَ السُّلْطَانِ الْمَنْصُورِ حَاجِّيُّ بْنُ الْأَشْرَفِ شَعْبَانُ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ النَّاصِرِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ وَذَلِكَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، وَكَانَ قَدْ حَدَثَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ السُّلْطَانِ يُوسُفَ صَلَاحِ الدِّينِ بْنِ أَيُّوبَ أَنْ يُقَالَ قَبْلَ أَذَانِ الْفَجْرِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ بِمِصْرَ وَالشَّامِ: “السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ”، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ فَزِيدَ فِيهِ بِأَمْرِ الْمُحْتَسِبِ صَلَاحِ الدِّينِ الْبُرُلُّسِيُّ أَنْ يُقَالَ: “الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ” ثُمَّ جُعِلَ ذَلِكَ عَقِبَ كُلِّ أَذَانٍ سَنَةَ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ)) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (193/1).
([3]) تفسير روح المعانى للعلامة الألوسى .
([4]) كتب الفقه على المذاهب الأربعة بتحقيق علماء المذاهب وطبع وزارة الأوقاف .