حججت على الوحدة ، فجاورت بمكة فكنت إذا جنّ الليل دخلت الطواف ، فإذا انا بجارية تطوف وتقول :
أبى الحب ان يخفى وكم قد كتمتهُ
فأصبح عندي قد اناخ وأطنبا
إذا اشتد شوقي هام قلبي بذكره
وإن رمت قرباً من حبيبي تقرّبا
ويبدو فأفنى ثم أحيا به له
ويسعدني حتى ألذ وطربا
قال: فقلت لها يا جارية اما تتقين الله تعالى في مثل هذا المكان تتكلمين بمثل هذا الكلام ، فالتفتت الي وقالت يا جنيد :
لولا التقى لم ترن
أهجر طيب الوسنِ
إن التقى شردني
كما ترى عن وطني
أفر من وجدي به
فحبه هيمني
ثم قالت يا جنيد :
((تطوف بالبيت ام برب البيت ))
فقلت : أطوف بالبيت .
فرفعت رأسها الى السماء وقالت : سبحانك سبحانك ماأعظم مشيئتك في خلقك ، خلق كالاحجار يطوفون بالأحجار ، ثم أنشأت تقول :
يطوفون بالاحجار يبغون قربة
اليك وهم اقسى قلوبا من الصخرِ
وتاهوا فلم يدروا من التيه من همُ
وخلوا محل القرب في باطن الفكرِ
فلو اخلصوا في الود غابت صفاتهم
وقامت صفات الود للحق بالذكرِ
قال الجنيد : فغشى علي من قولها فلما افقت لم اراها…
اللهم حققنا بما حققتهم