حكي عن مالك بن دينار رحمه الله قال:
خرجت إلى مكة حَاجَّاً , فبينما أنا سائر إذ رأيت شاباً يجلس وحده صامتاً لا يذكر الله فلما جَنَّ
الليل رفع وجههُ نحو السماء وقال:يا من لا تسره الطاعات ولا تضره المعاصي , هب لي ما لا يسرُك
واغفر لي ما لا يضرُك ثم أخذه البكاء
ثم رأيته بِذي الحليفة وقد لبس إحرامه والناس يلبُّون وهو سَاكتٌ لا يُلبي
فقلت: هذا جاهل , فدنوت مِنه فقلتُ له: يا فتى ,قال : لبيك , قلت : لم لا تُلبِي؟
فقال: يا شيخ وما تغني عني التلبِيَّة وقد بارزته بِذنُوبٍ سالِفَات وجرائم مكتُوبات والله إني
لأخشى أن أقول لبيك اللهم لبيك
فيقول:لا لبيك ولا سعديك , وعملك مردودٌ عليك , لن أسمع كلامك ولن أنظر إليك”
فقلت له : لا تقل ذلك فإنه حليم , إذا غضب رَضِي, وإذا رَضِي لم يغضب وإذا وعد وَفّّى , ومتى تَوَّعَد عَفَا” فقال : يا شيخ أتُشِيِّرُ عليَّ بالتَلبِيَّة؟!
قلت: نعم , فبادر إلى الأرض واضطجع” ووضع خَدَّهُ على التُراب وأخذ حجراً ووضعه على خدهِ الآخر وأسّْبَل دموعهُ وقال: لبيَّك اللهم لبيَّك , قد خضعتُ بِزُلّلي وفقري إليِّك وهـذا مَصرَعِي بين يديك, فأقام هكذا ساعة ثم ذهب .
فما رأيته إلا بِمُنَى وهو يقول : اللهم إن الناس قد ذبحوا ونحرُّوا وتقربوا إليِّك وليس لي
شيء أتقربُ به إليَّك سِوَى نفسي فتقبلها مني يا كريم ثم شَهَقَ شَهقَةً وَخَرَّ على الأرض مَيَّتَاً!!
كتاب كرامات الأولياء