من سماحة الإسلام أنه قد جعل للراعي حقوقا وعليه واجبات وكذا أيضا الرعية ؛فما المقصود بالرعي المقصود به هو :- الحافظ المؤتمن؛فيما أؤتمن فيه وعليه.
وأما الراعية فهم :- كل ما يشمله حفظ الراعي واشرافه ؛ فهذا حديث ابن عمر-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله- صلي الله عليه وسلم- يقول:” كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته : فالإمام راع ومسئول عن رعيته , والرجل راع فى أهله ومسئول عن رعيته , والمرأة راعية فى بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها , والخادم راع فى مال سيده ومسئول عن رعيته ” قال : وحسبت أنه قد قال : ” والرجل راع فى مال أبيه ومسئول عن رعيته , وكلكم راع ومسئول عن رعيته ” . أخرجه البخارى فى صحيحه
ولما كان لكل إنسان رعية يلزمه أن يقوم بمصالحها , وبحسن الإشراف عليها , وهو مسئول عنها فى الدنيا أمام مجتمعه وأمته , وأمام التاريخ ومسئول عنها فى الأخرة , أمام من لا تخفى عنه خافية فى الأرض ولا فى السماء , فإن قام بالواجب عليه نحوها , سعدت به رعيته وأمته فكان حسابه عند الله يسيراً , وأجره موفور , وإن قصر فى حقها فقد خان الأمانة , وأساء الرعاية وعرض نفسه لحساب عسير وعظيم وغضب من الله شديد .
فرعاية الإمام وهو الحاكم أو الرئيس , ويشمله كل من له ولاية على المسلمين وغيرها , كالمحافظ ومدير الوحدات المحلية وكذا الوزراء وغيرهم , أمته أو أهل مدينته أو قريته , يجب عليه أن يقيم العدل بينهم , ويحفظ حقوقهم , ويمنع عدوان بعضهم على بعض , ويفتح لهم أبواب الكسب والحياة الكريمة .
وحق الرعية أن يطيعوهم فى أحكامهم وسن قوانينهم , التى ترسم لهم سبل المعيشة , الطاعة مدلولها قوله تعالى فى محكم تنزيله ” يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شئ فردوه إلى الله وإلى الرسول ” .
ومن هذه الآيات , نشأ باب فى الفقه يسمى البغى , وهو باب معروف فى الفقه , تحدث عنه الأئمة الأخيار , وقالوا يحرم الخروج على الحاكم , فهذا أبا بكر الصديق لقد قاتل الفرقة الباغية التى خرجت عنه بعد إجماع الصحابة الأجلاء على ولايته , وكما دخل فى الفرقة , من مانع بأداء الزكاة إليه , وقال ” لأقاتلن من فرق بين الزكاة والصلاة ” .
وأما رعاية الزوج أو رب الأسرة لأهله وأسرته ينفق عليهم ويحسن معاشرتهم ولا يقصر فى تربيتهم تربية صالحة .
ورعاية الزوجة فى بيت زوجها فتعمل على إسعاده , وتحسن تربية الأولاد , وتترفق بالخدم , وتكون مثلاً طيباً فى العشرة والأمانة وحسن المعاملـة .
ورعاية الخادم أو العامل بمال مخدومه وكل عمل أوئتمن عليه يحفظه ويرعاه ويخلص فيه ولا يغشه , ولا يسرقه , ولا يشترى به حراماً ولا يرابى به لحساب مخدومه وإن أذن له فى ذلك .
ورعاية الموظف وظيفته ومعاملته للجماهير .
وإجمال القول أن رعاية كل إنسان ما وكل إليه حفظه أو قيام عليه , لأنه ما من أحد فى هذه الدنيا إلا وهو راع وما من أحد إلا وهو مسئول عن رعيته , فالله لا يضيع أجر من أحسن عملا . فقد قال تعالى ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل , إن الله نعم يعظكم به إن الله سميعاً بصيرا
وما أصح من شهادة ليهودى الذى رأى عمر بن الخطاب يستظل تحت شجرة قائلاً ” حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر ” .
وكذا عمر بن عبدالعزيز الذى أعده العلماء خامس الخلفاء الراشدين , الذى كان فى عهده يجلس الذئب مع القطيع من الغنم , وقول عمر بن الخطاب : لو أن بهيمة عثرت فى العراق لسئل عنها عمر , رضى الله عنهم أجمعين كانوا خير سلف لخير خلف نصوص مختارة من السنة النبوية .